باسم الحياد، يتعرض لبنان لمنخفض سياسي حاد، لكن سوء الأحوال السياسية لم يقف عائقا أمام تحليق رئيس الحكومة حسان دياب باتجاه الديمان، عبر طوافة أقلته على جناح الشرعية، لاستطلاع آراء البطريرك الراعي والأخذ بنصائحه واكتساب خبرته وحكمته.
بعد اللقاء، اكتسب دياب حكمة الثبات على أرضه الحكومية، وقال: لن أستقيل، لأن البديل لن يكون موجودا لفترة طويلة، وهذه جريمة بحق لبنان، لكن مجلس النواب سيد نفسه، بطرح الثقة بالحكومة، أما قول أن حكومتي هي حكومة “حزب الله” فأصبح أسطوانة مكسورة.
وبعيد الاجتماع، برزت نسخة معدلة لموقف الراعي من الحياد، وبين أحد الموقف القطعي بانفتاح لبنان من دون استثناءات، وتأكيد رئاسة الجمهورية أن إسرائيل عدو، تبلور الموقف اليوم، إذ استثنى الراعي إسرائيل، وتحدث عن مؤتمرات حوار لتبديد التفسيرات.
الشق المكمل للموقف، تحدث فيه دياب فقال إن الحياد موضوع سياسي بامتياز، وعلى مدى عقود طويلة كان لبنان نقطة تلاق، وهذه الميزة هي أحد مصادر إثراء لبنان، وهذا الموضوع يجب أن يكون مركز حوار بين كل الجهات السياسية، ليكون جامعا لا مفرقا.
وفي انتظار جمع كل الأطراف حول طاولة الحياد، فقد تعددت التسميات، وورقة الضغط واحدة وهي انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبعدها يصبح حياد لبنان تحصيلا حاصلا.
وأبعد من ضغط حلفاء أميركا في الداخل، يبدو أن العراق فاعل بين ساكنين: الرياض وطهران، ويقود حراكا لرفع طبقات الجليد عن مسار علاقات طال أمد خلافها. فبعد زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف اليوم بغداد، يستعد رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي لزيارة المملكة العربية السعودية، ولقاء ولي العهد محمد بن سلمان. وما يمكن أن تسفر عنه الوساطة العراقية بين السعودية وإيران، سينسحب حتما على ملفات اليمن وليبيا، ولبنان لن يكون في منأى عن بوادر الحلول التي ستتوج بالاتفاق الإيراني- الأميركي.
وإلى ذلك الحين، فإن المنخفض السياسي اللبناني تصحبه فجوات مالية بمفعول رجعي، تسربت منها مليارات الدولارات المفقودة من خزينة الدولة. وقد تناول رئيس الحكومة حسان دياب الملف مع رأس الكنيسة المارونية، ورأى أن أسباب الصعوبات المالية هي الفجوة النقدية التي أصابت لبنان بشكل تراكمي منذ ثلاثين عاما، لافتا إلى أنه يجهل الفاعل في أثناء ذكر الفعل، ولكن هناك موجة قوية من الداخل والخارج لا تضر بالحكومة وحسب ولكن بلبنان، ولا تسقط الحكومة بل تسقط البلد.
وهذا البلد الحزين، يقع على فالق أزمات لم تعد تحصى، جديده نكسات، قديمه تراشق اتهامات، وحاضره حرائق لفت اليوم بلدات عدة في الجنوب، فيما تمسك ناشطو السابع عشر من تشرين بالحفاظ على مرج بسري، سدا منيعا في وجه السد.