هو الأول من آب، ومن كل عام، والأول في الصف العسكري، وإن كانت كورونا حرمته اليوم من الاحتفال بعيده، فإن الشاشات اللبنانية سوف ترفع سيوفه الليلة في أفواج فنية ومغاوير استعراضية وفرق موسيقية مجوقلة، تنطلق من أفياء صخور الجلاء في ضبيه.
احتفال للجيش، وكرمالك يا وطن، والذي كما بعلبك، سيقام من دون جمهور، ولكن بجمهور واسع على امتداد الوطن. وليل الصخور الدافئة تصفيقا للجيش جاء مسبوقا بنهار ساخن، امتدت نيرانه الى أحراج بياقوت وهددت نزلاء دير الصليب، وأعلن الدفاع المدني ان السبب في الحرائق هو إطلاق أسهم نارية في المكان، فيما أجريت إسعافات أولية لأشخاص أصيبوا بضيق تنفس.
ولم يعرف على وجه التحديد ما هو سبب الاحتفال وإطلاق الألعاب النارية، وبأي فرحة يحتفل سكان المنطقة والذين غامر بعضهم بأرواح الناس بخفة ومن دون اعتبار للأصحاء والمرضى على حد سواء، فمن أصيب اليوم بضيق في التنفس يكابد ضيقا في العيش وانتشارا للوباء الذي سجل في ساعاته الأخيرة حالتي وفاة ومئة وخمسا وسبعين إصابة جديدة.
وفي الإصابات السياسية، سجل رئيس الجمهورية خمسا منها ووضعها في خانة الأعداء التي يواجهها لبنان. وقال الرئيس ميشال عون إن “العدو الأول للبنان هو الفساد المستشري في المؤسسات وفي الكثير من النفوس، وهو يقاوم بشراسة ولكن الخطوات نحو استئصاله تسير وإن يكن ببطء، والعدو الثاني هو كل من يتلاعب بلقمة عيش المواطنين ليراكم الأرباح، والثالث هو من ساهم ويساهم بضرب عملتنا الوطنية ليكدس الأموال، واحتل المرتبة الرابعة كل من يطلق الشائعات لنشر اليأس وروح الاستسلام وأيضا من يجول دول العالم محرضا ضد وطنه وأهله وناسه ومحاولا حجب أي مساعدة عنهم. وأمام الأعداء الاربعة يأتي كورونا في المنزلة الخامسة.
وفي التراتبية المالية جاءت بيانات وزارة المالية وجمعية المصارف لتفتح جدلا على خلفية رواتب موظفي الدولة ومصادرها. فبعد انتقادات لرئيس الجمعية سليم صفير تخص محفظة الموظفين وودائع الناس، ردت وزارة المالية بنفي مضمون ما أدلى به صفير، مؤكدة أن رواتب الموظفين في القطاع العام مؤمنة حصرا من حساب خزينة الدولة اللبنانية في مصرف لبنان، ولا علاقة لها بودائع اللبنانيين، لا من قريب ولا من بعيد.
وأسفت المالية لصدور بعض المواقف الملامسة للشعبوية المجانية في لحظة مصيرية تقتضي من الجميع الشعور بالمسؤولية الإنسانية والوطنية في تحمل تبعات ما ارتكب خلال عقود وضمان حصول كل مواطن على حقه، بدل حجز أمواله أو سلبها أو الاستيلاء عليها.
هذا الموقف رحب به صفير ببيان لأنه أجاب على رغبة المصارف والشعب اللبناني بأن تكون رواتب الموظفين مؤمنة، وأن تكون خزينة الدولة اللبنانية سليمة، ولا تكون الحكومة بحاجة للاستدانة وإنما تنفق وفقا لإيرادات الدولة. وشدد على أن القطاع المصرفي ليس طرفا سياسيا، وهو أبعد ما يكون عن الشعبوية وأقرب الى الواقعية.