Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأربعاء في 19/08/2020

تصدعت جدران سياسية من جراء قنبلة صوتية دوت من لاهاي إلى بيروت، وأفرغت حمولتها من المتهمين لترسو على طوق نجاة لها كان اسمه سليم جميل عياش. والقرار الفراغي ترك “نتراته “السياسية على ذوي القربى بعدما فصل عياش عن “آخرين” وأبقى على وظيفة المحكمة قائمة في انتظار الاستئناف وربط الملف بقضايا الاغتيال المحالة إلى العدل الدولي.

فقضاة المحكمة وموظفوها ضمنوا مستقبلا لهم في السنوات المقبلة والخزينة اللبنانية عليها أن تسدد متوجباتها المالية كما في كل عام وإن خرقت قرار التحويلات المالية بالدولار إلى الخارج ندفع لنتبلغ قرارا توصل إليه الرائد وسام عيد قبل خسمة عشر عاما لكن المحكمة التي “كزت” عن عيد داتا اتصالاته أهملت كما من الحقائق والفرضيات واستبعدت منذ تأسيسها التدقيق الجنائي في أي دور لإسرائيل والتنظيمات الإرهابية وألغت أوراق شهود الزور وتركيب الأفلام التي درات رحاها بين سعد الحريري ووسام الحسن وزهير الصديق وآخرين.

وهذه التحقيقات احترفتها قناة “الجديد” منذ وقوع جريمة تفجير عام ألفين وخمسة، ولاحقت فيها الأستراليين الستة الذين انتقلوا من طرابلس الى مطار رفيق الحريري بآثار متفجرة، إضافة إلى كثير من الفجوات، وبينها أدوار مجموعة ال 13.

وفي مداولات تلك السنوات ما دار بين المحقق العدلي ديتلف ميليس والمدعي العام التمييزي السابق سعيد ميرزا وفيها أن ميرزا وضع هذه الحقائق بين أيدي ميليس فأجاب المحقق العدلي بصوت عال: “لن تأخذنا اليوم الى جهة لا نريدها, أي تورط لجماعة إسلامية سيضيع اتجاهنا. نحن نحقق باتجاه واحد” وكانت هذه الجهة سوريا وحزب الله.

ومن حينه ضاعت الفرضيات البديلة وسجن الجنرالات الأربعة وسحبت إسرائيل والمنظمات الاصولية من التداول ولم يجر التحقيق في أخطر تصريح كشفه المحقق السويدي بو استروم للجديد، من أن رئيس فرع المعلومات الراحل وسام الحسن تخلف في اللحظات الاخيرة عن الالتحاق بموكب الرئيس رفيق الحريري.

واستروم الذي كان كبير المحققين الدوليين في القضية على مدى عشرة أشهر كشف أنه لم يستطع أن يبرهن حقا ما اذا كان الحسن قد التحق بالجامعة لإجراء امتحان طارئ وهي المرة الوحيدة التي ترك فيها الموكب.

أغفلت المحكمة كل هذه السجلات والتواريخ وأغرقت نفسها في مطاردة المجهول وكل ما قطفته كان شريط أبو عدس فوق شجرة تجهيل لكأنهم يخاطبوننا كجهل. محكمة مجهولة باقي الهوية كل أدلتها بنيت على ضمير غائب وحتى هوية الانتحاري لم تستطع تحديد ملامحها بعد خمسة عشر عاما.

لكن سليم عياش كان جائزة ترضية للمدعي العام على حد توصيف المحامي انطوان قرقماز ولولا عياش من دون آخرين ومن دون دليل حسي علمي موثوق به لكانت المحكمة الدولية اليوم “تشمع خيطها” وتغلق أبواب لاهاي وتشرد مئات الموظفين والقضاة المسترزقين على حسابنا براءة لأربعة متهمين وإدانة لخامس، ظل خيطا رفيعا مترابطا مع الجرائم الأخرى المحالة إلى المحكمة الدولية. ومن يضمن غدا ألا تفتح المحكمة بازرات سياسية على هذا الخيط وقد نكون أمام بداية فتح خطوط ملاحة سياسية دولية إقليمية وصولا إلى تسوية ما بعد بعد المحكمة وبلوغا نحو طهران وواشنطن والتماس أول خريطة الطريق لتفاوض أميركي إيراني.

وعلى طرق متعرجة محليا فإن لبنان لم يعد بدوره قادرا على الخروج من كماشة أيلول التي رسمها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وفيها حدد عناوين الحكومة والإصلاح، لكن الرئيسين ميشال عون ونبيه بري “فهما” الحكومة والاصلاح على طريقتهما ومن خلال التسويات السياسية والتأليف قبل التكليف وهما اجتمعا اليوم لوضع الاحرف الاولى لهذا المسار والتأليف بدا كذلك قبل التحقيق إذ إن ملف مرفأ بيروت يسير ببطء وبمسؤوليات لا تزال دون رتبة سياسية.

واليوم ولمناسبة رأس السنة الهجرية فإن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لم يدار احدا وصفع رأس السلطة السياسية من أعلى الهرم متسائلا: كيف لمن يتولى القيادة أن يتهرب من المسؤولية، أو أن يعفي نفسه من المسؤولية، بذريعة التراتبية الإدارية، ويبقى المسؤولون في مراكزهم، ولا يبادروا خجلا إلى ترك مواقعهم طوعا لمن يستحق، امتثالا لإرادة الشعب؟ كيف يمكنهم أن يواجهوا ببرودة أعين المفجوعين والمتألمين.