قوة العصف التي أحدثها قرار سعد الحريري بخروجه من نادي المرشحين حاليا، فكت الحجز عن الاستشارات من يد رئيس الجمهورية، ودفعت التعجيل في الدعوة إلى المواعيد الملزمة التي قد تسبق وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت في مطلع أيلول، وللمرة الأولى يتخذ الحريري القرار السليم في “الشلح” و”بق البحصة”، فهو خلع عنه تلبيسة كانت سترافقه طوال ما بقي من ولاية عون الرئاسية فتنصل من عهد ميشال عون لأنه كان سيحسب عليه عهدا لعون والحريري معا.
كما أفرغ الحصى السياسية العالقة، فدعا رئيس الجمهورية مباشرة الى إجراء الاستشارات، ومن دون مواربة أو استخدام اسمه في سوق المناورات، وبرفع الاسم من تحت انقاض العهد، يبرأ الحريري ذمته السياسية من معادلات “ما خلونا” و”كان بدنا” و”لم نكن نعلم”، ويترك للتيار السلطة أربعا وعشرين على أربع وعشرين.
لكن التأليف من خارج الصحن الرسمي، لا يبدو أنه سيتوقفن وقد يخضع لمزيد من مقادير الخليلين وجبران برعاية الرئيس نبيه بري في الأيام التي تسبق وصول ماكرون إلى بيروت.
وفي الاسماء التي تتقدم لائحة المرشحين، يبرز نواف سلام كتسمية يوافق عليها المستقبل، وتخضع فيما بعد لتدقيق جنائي سياسي يفرز القوى ويشطرها مؤيدين ومعارضين، من دون معرفة ما إذا كان “حزب الله” لا يزال يرفع الفيتو على هذه الشخصية أم سيبدي
مرونة على اسم سلام. لكن الحكم برمته يتمسك بمصالحه وبقائه، وعلى لبنان “السلام”.
فالبلاد تسير كل يوم الى الانهيار الأشمل، وقريبا سيكون المصرف المركزي أمام تطبيق قراره رفع الدعم عن المواد الأساسية، فيما يتوسع جرح المدينة والبيوت أصبحت ركاما فوق رؤوس ساكينها، والوعود تتدفق على الناس بلا رصيد وافدون زائرون مستطلعون، ولم يلمس المجروحون شيئا مما نزل عليهم كالمطر.
وعلى الجرح المفتوح، لم يتمكن مجلس الدفاع الأعلى من اكتشاف ذاك المتسبب بجريمة سحب بند التفجير من جدول الأعمال الجواب الاسهل لدى المعنيين: لقد أسأنا التقدير، وجواب اللبنانيين لكم أننا كمواطنين ايضا أسأنا التقدير واعتقدنا أنكم مسؤولين، وقادة واجهزة أمنية وضباطا يزرعون مخبرين في كل مكان، سوف تكونون على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقكم وتأخذون الكتاب المتفجر على محمل الخطر. غير أن الكتاب راح من رئاستي الجمهورية والحكومة، واللواء الاسمر وجال على وزارتي الأشغال والعدل واصطدم بعطلة عيد الاضحى الى ان انفجر باللبنانيين.