صار لبيروت جمعتها الحزينة أسبوع الآمها من دون سبت نور أو أحد قيامة بيروت اليوم هي الأم العظيمة والحزينة في آن واحدالمصلوبة على رصيف مرفأ بلا ملامح لوجهها البحري فيما يداها تبحثان عن نبض لقلبها بين الركام.
منذ ثلاثين يوما والمدينة تفترش أشلاءها وتلتحف عريها تداوي وهي المجروح أبناؤها وفي حضنها المحروق تطفيء لهيبا من دمع ودم.لكنها بيروت وإن ذبلت على أمها فلن تموت قصيدة كانت وستبقى بيروت خيمتنا ونجمتنا ومديح ظلنا العالي وستظل تغرينا بألف بداية ومن بوابتها ندخل في الوطن. وطن يشبه الفوارس العشرة وعروسهم من فوج الإطفاء وطن على شاكلة من قضى من أجل خمسة آلاف ليرة بدل عمل إضافي في عنابر الموت مدينة بملامح ابن الخامسة عشرة عاما الذي تخرج في نعش محمول على أكتاف رفاقه بلاد مطابقة لمواصفات كل الذين قتلوا وجرحوا وكل الذين قاموا من بين الأموات والذين لا يزالون في عداد المفقودين.
في الرابع من أيلول أحيت بيروت نكبة الرابع من آب وقفت دقيقة صمت أدت التحية أذنت ورتلت رفعت يديها بالصلاة وصلبت على صدرها دعا الفاتيكان فاستجاب العالم : لأجلك نصلي. وفي ذكرى اليوم الثلاثين صلاة الغائب على السلطة وليس لجرح بسلطة ميتة إيلام.
سلطة الثلاثين عاما من الفساد ظهرت على حقيقتها في ثلاثين يوما حقيقة تراكمت في ملفات ومستندات ووثائق أظهرت غيضا من فيض الإهمال والاستهتار والعبث حد جنون أدى إلى تفجير رئة لبنان البحرية سلطة تداولت الكتمان حول القنبلة الموقوتة سنوات طمعا في مزاد علني يدخل الى جيوب المسؤولين حفنة من أموال مغمسة بالدماء وعندما وقعت الواقعة نفضت ما اقترفت يداها وطيا للفضيحة تراشقت المسؤولياتسلطة من “عاليها لواطيها ” اثبتت انها على مقام ” إجر كرسي” .
اعتصمت الكراسي بالصمت وتماما كنيرون روما اكتفت بالمشاهدة وجلست تراقب المشهد تاركة هم الناس للناس عجزت عن توفير رافعة لسحب أرواح من بين الركام والتقاط أنفاس نبضت ليلة قبل أن تفقد عمليات البحث بين الأنقاض حرارة الوصول إليها وهي ليلة تبوأ فيها كلب منصبا مسؤولا حيث لا يجرؤ المسؤولون ومع الكلب التشيلي خفق القلب وارتفعت صلوات الناس مع المنطقة المكنوبة آملا بأن تخرج الروح سالمة من تحت الأنقاض ظلت القلوب على أيديها طوال أربع وعشرين ساعة وكانت قناة الجديد والزميلة راشيل كرم في مواكبة مستمرة منذ الثانية صباحا وحتى هذه الساعة الى أن أعلن فريق الإنقاذ التشيلي أن النفس الذي التقطناه كان بطيئا ولا نستيطع أن نجزم حتى اللحظة ما اذا كان هناك ناجون أم لا الليلة تنام بيروت على ضيم ثلاثين يوما استدعي فيها إلى التحقيق مسؤولون متوسطو الرتب وما لم ترتق التحقيقات إلى أرفع المستويات فإن الدماء والأرواح التي أزهقت على أسفلت المرفأ ستذهب أدراج القضاء والقدر.