في سباقها مع الوقت ومهلة ماكرون، بدأت حكومة مصطفى أديب تواجه “تحرشا” سياسيا يرقى إلى مستوى الجرائم في حق التشكيلة الحكومية، المزنرة بالأحزاب والخلان، والمحشوة ببطانة سياسية. وأمام الرئيس المكلف أقل من عشرة أيام، لإعلان التزامه شروط الرئيس الفرنسي، والذي عين حارسا استخباريا على التأليف.
لكن “الحربقة” اللبنانية تقفز على المهل والحراس والشروط. وعلى الأرجح فإن رئيس الاستخبارت الفرنسية المراقب لعملية التأليف، سيصبح مجندا في عصبة الأمم اللبنانية، وسيتم استدراجه إلى الخندق الداخلي إذا ما استطاع السياسيون إليه سبيلا. وتبعا لمجالس فرنسية، فإن الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه، رد على ال”بونجور” بـ”بونجورين” لدى وصوله إلى الإليزيه، فكيف ستكون الحال عندما ينزل الفرنسيون على النورماندي السياسي اللبناني، ويختبرون شروط الزعماء والأقطاب وديوك الأحياء.
وقبل أن يقدم مصطفى أديب أولى مسوداته الحكومية، جاءته الطلبيات المحملة بالمرشحين والمستوزين. وأفيد أن كل زعيم سياسي سيقدم ثلاثة أسماء لاختيار واحد منها، وهي عبارة عن شخصيات تلتزم خيارات أحزابها وتياراتها السياسية. يصر أديب في المقابل على حكومة مصغرة من أربعة عشر وزيرا اختصاصيا، ملوحا بالاستقالة إذا ما رفض طلبه. في حين يعارض رئيس الجمهورية الحكومة المصغرة، ويرى ضرورة في أن تكون الحكومة مؤلفة من أربعة وعشرين وزيرا بهدف الانتاجية. في وقت يصر الرئيس نبيه بري على الاحتفاظ بالمالية، وعون يطمح إلى مال وداخلية.
ووسط غابة الذئاب هذه، يصبح أديب مجرد راعي قطيع سياسي، ولن يعود أمامه خيار سوى قلب الطاولة، وتقديم تشكيلته الخالية من السموم، فليشكلها ويبرق لهم بها، إذا وافقوا تسلك طريقها الى جلسة الثقة، وإذا رفضوا ينزع الشارع عنهم كل ثقة. أما إذا أراد مصطفى أن يكون “أديبا” مع السلطة وملحقاتها، فإنه سيلقى حتفه السياسي كما حكومة حسان دياب، وسيفجرونه من الداخل من دون أن يرف لهم جفن، ولن يكون الشارع رحيما لأنه منذ اللحظات الاولى لم يثق بالتسمية، لكون مصطفى أديب هو خريج مدرستين عنوانا للفساد: نجيب ميقاتي وسهيل البوجي.
وأكاديمية ميقاتي كانت قد افتتحت بازارها قبل ثلاثين عاما، بسرقة خمسمئة دولار من كل مواطن لبناني كضريبة إيداع للخليوي. أما غير المغفور لتزويره سهيل البوجي، فقد كان يتولى تزوير محاضر مجلس الوزراء لصالح ميقاتي، رفيق الحريري، ليبانسل وسيليس.
وعلى هذا الفساد سابقا وراهنا، تحدث مساء اليوم رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وسمى الحكم بـ”شلة من الخارجين عن القانون والفاسدين وأكلة الجبنة المهترئين”. واعتبر أن هذه الأزمة الممتدة تعود في جوهرها إلى عاملين أساسيين: التعدي الحاصل على الدولة ودستورها وسيادتها وسلطتها ومؤسساتها، وغياب الإصلاحات الفعلية. وقال جعجع إن “انتفاضة 17 تشرين غيرت في مسار الأحداث والذهنيات، لكنها لن تؤتي ثمارها في الشارع فقط، وستجنح إلى الفوضى والمراوحة والاستنزاف الذاتي، إذا لم تكن لها خريطة طريق واضحة توصلها إلى تحقيق أهدافها.
وعن الانتفاضة ومثيري الشغب من حولها، فإن قناة “الجديد” التي لاحقت قبل أيام المشاغبين من حيث اتوا، تعود وتؤكد أن عملها الصحافي الاستقصائي، هو لتنقية طريق الثورة من شوائب وطارئين يدخلون في كل مرة لضرب مسارها، إن أهل طرابلس وعكار تحديدا، هم في صلب هذه الثورة ومن نواتها ومؤسسيها، لما يعانونه من حرمان مزمن، على الرغم من أن مدينة طرابلس هي عاصمة رجال المال. لكن بعض الرموز والأجهزة يستقدمون أدوات ستظهر الليلة في تقرير خاص يوضح حقيقة هؤلاء.