ذات أربعاء رئاسي يستبق خميس التكليف، تقمص رئيس الجمهورية ميشال عون شخصية نجاح واكيم على زمن التسعينيات العاصفة.. ورمى باثنين وعشرين سؤالا في خطاب واحد: أين التقديمات الطبية والخطة الاقتصادية ومن أفشلها أين برنامج الاستمثار والخطط الانمائية وأين خطة الكهرباء والسدود وأين سائر مشاريع الإصلاح وهدر المال وأين نحن من هيئة الإغاثة والمجالس وقبل أن يلفظ “الأين الأخيرة” كان اللبنانيون قد وسموا هاشتاغ #اين_الرئيس؟
وفي نسخة غير معدلة عن الرئيس المصروف حسان دياب، كان عون وعلى وقع “أنا الشاكي أنا الباكي” يسأل عن القضاء ويريد تحريره من سطوة النافذين، لكن من دون أن يصارح اللبنانيين بأنه هو من يحتجز التشكيلات القضائية في أدراجه منذ أكثر من تسعة أشهر، وبأنه تخصص بتعيين وزراء عدل موالين للقصر، من ألبير سرحان الذي أحب الرئيس و”شهق بالبكاء” لدى مغادرته الوزارة، إلى ماري كلود نجم التي تخصصت ذات جلسة باصول المحاكمات الكهربائية لشؤون سلعاتا.
أما المتخصص بكل الشؤون الفقهية والدستورية والسياسية، والعارف بخفايا الإنس والجان، فهو وزير العدل الأسبق سليم جريصاتي مستشار القصر وأحد بلاطيه الدائمين، والذين تنسب اليهم بيانات السقوط الدستورية.
ومن خطاب دفن الوعود التاريخي، استعاد رئيس الجمهورية عبارة الصحافي كامل جميل مروة الشهيرة وقلب موزاينها بتأكيده أنه قال كلمته ولن يمشي، بل سيظل على العهد والوعد. غير أنه لم يكن واضحا ما إذا كان وعده وعهده ماضيين في اتجاه استكمال المسير الى “جهنم”، أم سيأخذنا إلى مسالك فرعية.
وحمل عون المسؤولين عن الرقابة والمحاسبة البرلمانية، وتاليا الشعب اللبناني هموم المستقبل في تسمية سعد الحريري رئيسا، وقال: “اليوم مطلوب مني أن أكلف ثم أن أشارك في التأليف، فهل يلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتكليف معالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح؟
مع إشارته في الدردشة الإعلامية الى أنه لن يضع فيتو على أحد تحدث عون عن العرقلة في الإصلاح وعن المتضررين من مشروعه للتغيير ومن رفعوا المتاريس في وجهه ومن لم يتعاونوا في معرض التدقيق الجنائي والمالي والذين هم شركاء حكميون في الهدر والفساد.
واستعاد رئيس الجمهورية لحظة وصوله إلى الحكم كمن وصل للتو، فهو شريك في هذه المنظومة الحاكمة منذ خمسة عشر عاما كسياسي مضارب ومسؤول عن رأس السلطة في البلاد كرئيس للجمهورية منذ أربع سنوات، غير أنه قرر أن يكون حصة من ضمن الحصص وأن يدخل بثقل الرئاسة ليطالب له بوزراء محسوبين على القصر.
ترك راية الإصلاح وبدأ بتغيير النهج الذي قاده الى الحكم، وشن حروب إلغاء سياسية بعد تلك العسكرية، فذوب كل مسيحي سواه وأبقى على التيار وجبران رأس حربة، وحتى عندما أبرم تفاهم معراب، فإنه اقدم بعد سنتين على الغائه وعاد له حنين عام ثمانية وثمانين.
لكنه في حروب الميثاقيات، وجد نفسه اليوم محكوما بالمساكنة مع سعد الحريري وبالإكراه حيث أبغض “الحلال لتكليف وعلى دروبه”.
يتسلل ناشطون في التيار إلى قطع طريق بعبدا غدا، ولكن عبر دعوات تستنسخ شعارات الثورة، فيما سجلت هذا المساء تظاهرات محدودة باتجاه بيت الوسط: واحدة تعارض عودة الحريري، والأخرى تؤيد وتحرق شعار الثورة.
في وسط بيروت وفي الشارع النقدي، فإن الدولار الأميركي تأثر نفسيا بتكليف الحريري وسجل انخفاضا ببضع مئات، لكن الخبراء ردوا ذلك إلى عوامل موقتة، حيث امتهن الدولار أيضا لعبة “هلا بالخميس”.