IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم الأحد في 08/11/2020

قدم جبران باسيل استئنافه في وجه الأميركي، وقلب طاولة التأليف في وجه اللبناني. وجهان لرئيس تيار وطني حر واحد. الأول تفوق فيه على أميركا مبارزا في تقديم دليلها. والثاني استطاع من خلاله التفوق على ذاته والمؤلفين من ركني التشكيل، وأدخل العقوبات ورقة بين حقائب الحكومة.

وسجل لباسيل أنه كان مزودا بمضبطة اتهامه ضد الأميركيين، فكشف فحوى اجتماعات واتصالات جرت معهم، وجرت في خلالها مقايضته سياسيا على فك التحالف مع “حزب الله”. فكان الوحيد من بين الوزراء والشخصيات يخرج بمؤتمر صحافي معقود على “ماغنتسكي” من صنع ميرنا الشالوحي. وأوضح باسيل أن حديث العقوبات بدأ جديا في صيف 2018 بتأليف حكومة الحريري الثانية، وقال: تبلغت من السفيرة الأميركية مباشرة بضرورة تلبية أربعة مطالب فورا، وإلا ستفرض علي عقوبات بعد أربعة أيام، ومن بين المطالب: فك العلاقة فورا مع “حزب الله”، ولا كلمة واحدة عن الفساد.

وتابع باسيل سرد المجالس التي لم تعد بالأمانات، مضيفا: زاروني بلقاءات طويلة، وقدموا لي ما عدوه مغريات كافية من “النجومية” بلبنان وبأميركا والربح السياسي الشخصي لي ول”التيار” و”ما مشي الحال”. وسأل: “لو أنا وافقت معهم أن أقطع العلاقة مع حزب الله، لن أكون فاسدا؟”، مذكرا الأميركيين بأن قانون “ماغنتسكي” يتناول قضايا حقوق الإنسان متل خاشقجي. أما قضايا الفساد الواردة فهي مضحكة مثل أزمة الطاقة والنفايات وتلوث البحر وانفجار المرفأ، متهما البعض بالثرثرة السياسية وقال: “هلق عرفنا بقلم مين مكتوبة العقوبة، هلق عرفنا كيف بتنكتب ال: هيلا هيلا هو بالإنكليزي؟”.

باسيل يتحدى واشنطن، ويدعوها إلى إبراز مستنداتها، معتبرا أن ما ساقته ضده هو اغتيال سياسي وإعلان فتنة، وضرب وتهجير لمسيحيي الشرق. وهو بدوره سوف يطعن بالقرار، لكنه لن يطعن ب”حزب الله” ولا يعزل أي مكون لبناني، غامزا هنا من قناة “القوات” و”المستقبل”. وبدا أن رئيس “التيار” يمتن العلاقة مع أميركا الجديدة، في خطاب يحمل عبارات الصداقة مع الأميركيين وإدارة بايدن، عل الحلم الرئاسي الذي تكسر على أعتاب إدارة ترامب، يعود إلى استئناف كوابيسه في إدارة الديمقراطيين، فالعقوبات بكل قوتها لم تلغ أحلام القصور.

لكن المستندات التي طلبها باسيل من واضعي العقوبة، لن تقدمها الخزانة أو وزارة الخارجية الأميركية إلى لبنان، فهي لم تفعل ذلك مع “البنك اللبناني- الكندي” الذي أخذ حقه بيده القانونية من القلب الأميركي. ولم تقدم كذلك أي مستندات تتعلق برجل الأعمال مرعي أبو مرعي، أو في مرحلة تصفية “بنك الجمال” الذي لم تثبت التهم عليه. واليوم لن تفعل ما رفضته سابقا، لأنها ترى المستندات قرارا سياديا أميركيا لا يمكن تسليمه لأحد وتبقيه سريا في أدراجها.

وإذا طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تسليمه هذه المستندات، فإن الجانب الأميركي سيعتبر القضاء اللبناني طرفا شريكا في الفساد، وحاميا لكبار السياسيين الذين أخفوا حقيقة الجرائم عن شعبهم، وآخرها جريمة مرفأ بيروت. سوف ترفض أميركا التسليم بقضاء يديره عون وبري والحريري وجنبلاط وآخرون، فيما يحتفظ رئيس الجمهورية بالتشكيلات القضائية في أدراجه منذ شهور، وإلى تاريخه، فإن تأليف الحكومة يوازي حبس التشكيلات القضائية، حتى خرجت الشروط اليوم إلى العلن من قبل رئيس “التيار الوطني”، طارحا العقوبات ورقة ضاغطة، وقال إنها يجب أن تكون سببا في التسريع بالتأليف “إذا كانت النوايا من الخارج تعطيل أو تخريب، فلازم ردنا ما يكون التشدد من ورا العقوبات. بنتشدد بوج يلي بيعتدي علينا، ولكن ما منتشدد بوج بعضنا بتسيير أمورنا وإنقاذ بلدنا؛ إلا إذا حدا بدو إنو يستكمل لعبة الخارج من الداخل، ويسعى لاستهدافنا من دون غيرنا”.

عادت لغة المعايير والحكومة الفاعلة والميثاقية، والاتهام بالإرهاب السياسي وإلغاء الذات، سائلا: “هل أحد يصدق أنه وحده يستطيع تسمية الوزراء المسيحيين؟”. وعن أي إرهاب سياسي يتحدث باسيل إذا كان رئيس الجمهورية شريكا في التأليف والتوقيع؟. ولماذا يطالب رئيس “التيار” بتوزيع الحقائب على الكتل، اذا كنا أمام حكومة اختصاصييبن؟. وهال رئيس “التيار” أن تكون المداورة على كل الحقائب ما عدا المال للشيعة. ومع أحقية هذا الطرح لكن باسيل نفسه تساكن وتعايش مع حكومات ثبتت وزارة المال للرئيس نبيه بري طيلة حكومات شارك فيها شخصيا، وبارك مشاريعها، ولما اختلف معها، كان خلافا غير عقائدي إنما لقاء ثمن سياسي.

جبران باسيل سجل اختراع البراءة في العقوبات الميركية، وفرض على اللبنانيين عقوبات محلية، أولى مفاعليها: وضع التشكيل على لائحة “أوفاك” ميرنا الشالوحي.