IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم الجمعة في 2020/12/11

هو يوم سعد دياب، ساعة دخل حسان نادي رؤساء الحكومات ببطاقة عبور تسلمها شخصيا من الرئيس المكلف سعد الحريري، فوقعت المعجزة عند باب السرايا.

لكن المتعوس ما كان ليلتم على خايب الرجا لو لم تفتح للرئيس المكلف طاقة قدر مصدرها موقع رئاسة الحكومة.

وعلى دستور من مادة وحيدة تقضي ب “يا غيرة الدين”، زار الحريري الرئيس المصروف، غرد تمام سلام بالعصا، اتصل فؤاد السنيورة بدياب رافضا التطاول على الموقع، وأما ميقاتي فقد سلك الخط النجيب، وقدم تغريدة الوشاية على رئيس الجمهورية، لكونه قرأ التقارير عن وجود مواد خطرة في المرفأ.

ورباعية رؤساء الحكومة السابقين بدا سيفها أفعل من المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، لكن هؤلاء هم أنفسهم “ألقوا أخاهم دياب في البئر”، رذلوه عندما بلغ حسان دياب سن التكليف، وحاصروه وهاجموه. ولما تخطى مرحلة التأليف أقفلوا أبواب النادي في وجه الرئيس الضال.

حتى مرجعية الطائفة الدينية لم تصل على حكومته، ولم تسلم، وتركته شهرين على قارعة الانتظار، قبل أن تعفو عنه وتستقبله في ديارها.

وبصورة جمعت التكليف بالتصريف، أعطى الحريري دياب صك براءة مرفوعا على راحات رؤساء الحكومات السابقين، الذين اتخذوا من الطائفة منصة دعم، في معرض الدفاع عن الرئيس المدعى عليه، فزيحوا مواقعهم بالخطوط الحمر، واستبسلوا في الهجوم على القضاء، ووضعوا السلطة الطائفية في مواجهة السلطة القضائية.

وتحت قوس المحكمة يحيا العدل، وتسقط كل المعايير، إلا في لبنان. لا عدل في الرعية، ولا ظلم في السوية والطائفية.

هنا تطيح الدستور، والمذهب يعلو على القانون ولا يعلى عليه.

عندما تجرأ القضاء وأمسك أول الخيط بالادعاء في جريمة أودت بحياة المئات، واقتلعت نصف قلب العاصمة، أصيبت مشاعر رؤساء الحكومات السابقين والمكلفين بالوهن، واهتز حسهم الطائفي.

ولولا “العيب والحيا”، لقالوا إن تفجير المرفأ جريمة تقيد ضد مجهول، والمجهول لم يكن يوما معلوما في أي من الجرائم السياسية والمالية والادارية، لبلد يسير إلى انهيار بلا قعر، ولم يتوان حكامه عن ارتكاب الجرائم متضامنين، وهم اليوم بالتكافل والتضامن يقيمون الحد على القضاء، لأنه مس بالذات الحكومية.

وهذه السلطة خرجت اليوم مدعى عليه برتبة نائب في تنمية وتحرير، ووزير سابق أشغاله تدل عليه، فوكل نفسه الدفاع عن نفسه، وكان الخصم والحكم ومحامي الشيطان، ووقع في شر نفيه.

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده غازي زعيتر في مجلس النواب، كان لا يعلم ومن ثم صار يعلم، بعدما واجهته الجديد وبالدليل المستند إلى تحقيقات تولتها منذ الرابع من آب المشؤوم وحتى اللحظة، بأن المدير العام للنقل البحري والبري عبد الحفيظ القيسي أبلغه بخطر حمولة الباخرة هي حمولة زائدة يمسك بها القاضي فادي صوان الذي يلاقي مواجهة بلغت حد “التلحيم السياسي”.

وإذا كان المحقق العدلي في اول طريق المرفأ، فإن خيوط الجريمة تستلزم رفع البصمات السياسية والحزبية عنها، والتحقيق مع كل اسم من المسؤولين الستة عشر الذين ستكشف عنهم الجديد اليوم.

والجديد إذ تشد على يد القضاء لخرقه الخطوط الحمر، تدعوه الى تجاوز كل الألوان السياسية الداخلية، وإن اضطره التحقيق الى دخول “عنبر القصر” واستنطاق رئيس البلاد الساهر على أمنها وفقا للدستور.

وما دام الجميع يعلن وضع نفسه تحت سقف القانون، فالقانون اليوم ليس قصيدة شعر، ولا هو آلة للعزف المنفرد.

وبدلا من شحن النفوس طائفيا، فتشوا عن شحنة نترات الامونيوم من أدخلها؟. من تسلم أورقها؟. من أهمل رفعها وحولها بعد سبع سنوات الى قنبلة نووية فجرت عاصمة كاملة.

المسؤولون كثر وحكما ليسوا أربعة بل مجموعة نترات سياسية تعاقبت على الحكم وعلى القضاء.

الحكم في مدى خطر أفعالهم، وإن جاءت على مقاس الإهمال المميت.

ومع إداة الجريمة الداخلية ماذا عن إغفال الشق الخارجي لحكاية أطنان نيترات الامونيوم؟.

وفي هذا الإطار يواصل الزميل فراس حاطوم الساعة التاسعة والنصف مساء مطاردة بابور الموت، في رحلته المشؤومة التي بدأت في جورجيا ولم تنته في الموزمبيق، حيث يواجه رجلا يشتبه في أن يكون المالك الحقيقي للسفينة روسوس كارالومبوس مانولي.

ولولا الدور الخفي الذي لعبه في غير محطة لما شق البابور طريقه الى ميناء بيروت. وهنا يطرح السؤال القديم الجديد نفسه: لماذا ما زال مانولي أو الجهات ذات الصلة بالملف خارج دائرة الرشق بوردة استجواب، بخاصة وأن قبرص “مش بعيدة” على حد توصيف نهاد المشنوق ذات يوم للبنانيين.