لو دامت لترامب لما اتصلت إلى بايدن ومهما عصف دونالد وجن وادعى التزوير واقتحم الكونغرس وقاد فرق الغوغاء والتمرد وعصى السلطة فإنه استسلم عند منتصف النهار الاميركي الرسمي ولم تمكنه المؤسسات الدستورية من احتجاز السلطة وخرق الدستور .
هو الرئيس الذي هز العالم بعصاه وحكم أربع سنوات عربا وغربا بإصبعه الوسطى ..غادر منصب الرئاسة بكفي ميلانيا .
من دون وداع رسمي ولا عرض عسكري تسلل من حديقة البيت الأبيض الخلفية وركب طوافة رئاسية إلى قاعدة أندروز العسكرية وهناك على وقع أصوات طلقات المدفعية قال كلماته الأخيرة وطار إلى مقر إقامته في فلوريدا على وعد الرجوع مجددا وعلى أمل ألا تطول غربته عن السلطة .
مكرها ترك ترامب المكتب البيضاوي قاطع حفل التنصيب وطار بلا تسليم بقضاء الانتخابات وقدرها مستعيضا عن الحضور برسالة تركها لخلفه جو بايدن بحسب التقاليد المتوارثة ولوائح عفو سطرها عن ثلاثة وسبعين شخصا بينهم مستشاره السابق ستيف بانون ومراسم تشييع ترامب الرئاسية المؤلمة لرئيس يعاقر السلطة سرعان ما بددتها احتفالات التنصيب بطوق عسكرها وحضورها المختار وموسيقاه التي لفت مبنى عرضه الرئيس المتهور للهجوم.
ومرفوعا على النشيد الوطني بأداء الليدي غاغا وصوت جنيفر لوبيز “بهذه الأرض أرضك” جرى ترسيم جو بايدن الرئيس السادس والاربعين للولايات المتحدة وإرداء ترامب رئيسا سابقا أقسم بايدن اليمن الدستورية متجنبا الخلافات مع سلفه حتى لا تؤدي الى حرب شاملة هو دعا الى الوحدة والتصدي للتطرف ونبذ الانقسام وتعهد بهزيمة الإرهاب الداخلي والعرقية البيضاء وإنهاء الحرب غير الأهلية بين الحزبين واعدا بأنه سيكون رئيسا لكل الأميركيين وقال: أسخر “روحي كلها” لتجميع شتات أمريكا وتوحيد هذا البلد.
وظل خطاب بايدن موجها في معظم فصوله الى الداخل الأميركي أما في الملفات الخارجية فقال إن استعادة دور أميركا في العالم يشكل أولوية وهو لهذا الغرض استبق القسم بإعلان سبعة عشر أمرا رئاسيا يعود فيها عن إجراءات اتخذتها إدارة سلفه ترامب، ومنها التعهد بعودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية المناخ وإلى منظمة الصحة العالمية، وإلغاء مرسوم الهجرة المثير للجدل وتعليق أعمال بناء جدار على حدود المكسيك هي وعود يطلقها كل رئيس أدلى بقسم .. لتوضع في السنوات المقبلة تحت مختبر التحليل الجنائي السياسي وفحوص ال pcr الرئاسية لاسيما إذا كان الرؤساء يصلون الى الحكم على صورة الجائحة.
وبايدن إلى الآن .. لا حكم عليه لكن وباء كورونا سيجعل منه ممرضا لبلاد تسجل أعلى نسبة إصابات في العالم قبل أن يتذكر أن هناك دولا أخرى تنتظره وتترقب نتائج تعامل الإدارة الأميركية مع أزمات هذه الدول.
ولبنان واحدة من النقاط في البحر الاميركي الطويل .. غير أن ميزته أنه يحلق بجائتخين اثنتين .. كورونا والحكومة المتجمدة فحكوميا لم تتحرك العجلات الرئاسية بعد وساطة الرئيس حسان دياب الذي أوفد مبعوثا من قبله إلى حزب الله لوضعه في اجواء التفاوض وعلمت الجديد أن الحزب سيتحرك بدوره على إحدى قنوات التأليف في مسعى لتقريب وجهات النظر وتأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن وكل هذا مجرد إبداء نيات حسنة فيما النيات الاسوأ لا تزال في قصرها ويحيط بها مستشارون وفقهاء رأي متحجر .
اما في الحجر الصحي فإن لجنة كورونا توصي بتمديد الاغلاق العام وسط ” بلهونيات ” تطرح من جديد إغلاقا ” نص نص ” واستنسابيات واستثناءات لتقديمها على طبق مسموم الى اجتماع مجلس الدفاع الاعلى غدا.
فتارة بزعم تحريك العجلة الاقتصادية وطورا لتنفس الرئة المالية من دون أن يدرك المستثمرون في الافكار المريضة أنهم يحولون لبنان الى مدفن عمومي.
غدا قرار وجب أن يكون الاعلى في الاغلاق العام وللمرة الاولى على اللبنانيين تأييد التمديد الى اجل غير مسمى .. لأن أي قرارات أخرى ” رح تجيب أجلنا “.