ليس في السبت أي نور حكومي مع الاعتكاف عبر السفر. والاختلاف الصامت بين رئيس الجمهورية و”حزب الله” الذي أعاد اليوم تصويب البوصلة وتحييد الرئيس عبر حصر الصلاحية بالرئيس المكلف تشكيل الحكومة. وقال نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم إن الحل بيد رئيس الحكومة، وهذا أمر يمكن معالجته بقليل من التفهم والتواضع والمعالجة الصحيحة.
وعلى دعم الحريري وموقفه من رفض تمثيل سنة المعارضة، اجتمعت دار الفتوى ووجهت نداء شرعيا إلى كل القوى والتكتلات السياسية التي سمت الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، ودعتها إلى الابتعاد عن العقبات والعقد والمطالب والمطالب المضادة، التي غالبا ما تؤدي إلى عرقلة عملية تأليف حكومة وحدة وطنية.
لكن الحل ليس لدى مجلس المفتين ولا الرئيس المكلف، بل أفتى به اليوم النائب فؤاد مخرومي الذي رأى أن هناك ثلاثة سنة مستقلين فقط يمثلهم شخصه، والرئيس نجيب ميقاتي والنائب أسامة سعد، فيما البقية تدور في فلك “حزب الله”، داعيا الحزب إلى ضمهم وتوزيرهم “على خانته”.
وبغياب التأليف، فإن حكومة التصريف تقوم بواجب المناكفة على أكمل وجه، ويتصدرها نقمة وزير الخارجية جبران باسيل على وزير الصحة غسان حاصباني. والوزيران لم يألوا جهدا في تسديد الاتهامات. وبعد أن كان “التيار الوطني” حليفا للجمهورية “القواتية” القوية، ويتبادلان التفاهم على فراش سياسي واحد، أصبحا يتازعان على “فراش المرض” وعدد الأسرة وموازنة المستشفيات.
وقد افتتح الوزير باسيل اليوم مؤتمر الطاقة اللبنانية للصحة، وبغياب وزير الصحة، وأدلى بمواقف شديدة الهجوم على وزارة الحاصباني، معلنا أنه يتكلم باسم رئيس الجمهورية، ومنتقدا الهدر وعدم الفاعلية وغياب المحاسبة والرقابة الصحية، والتفاوت بين المناطق والتوزيع السياسي المجحف للخدمات والتكاليف الصحية، متحدثا عن فعل الإرضاء والخنوع السياسي.
والوزير المعني الغائب عن مؤتمر باسيل، لم يتغيب عن الرد إعلاميا، وهو استغرب في حديث إلى “الجديد” كيف يتحدث وزير الخارجية عن أرقام صادرة في حكومة الرئيس تمام سلام عام 2016، وعلى مرأى ومسمع وحضور باسيل شخصيا الذي كان مشاركا موجودا ولم يعدل في المرسوم. وقال حاصباني إن القضايا الصحية كانت تخضع للمحاصصة عندما لم نكن نحن موجودين في الحكومة. وعن البطاقة الصحية، رحب حاصباني بانضمام وزير الخارجية، وقال: لقد اكتشفت الأمر متأخرا معاليك فأهلا بك معنا على هذه الطريق.
هي اتهامات محلية لزوم التسلية ما قبل الحكومة، على ان تستكمل مشوارها في الحكومة المقبلة، باعتبار الوزيرين باسيل وحاصباني أحد وجوهها الباقين.
على أن الاتهامات الأبعد مدى في المكان والزمان، هي تلك التي بدأت تركيا بتوجيهها إلى السعودية، مع مرور شهر كامل على مقتل الصحافي جمال خاشقجي. وقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اليوم، وعبر صحيفة ال”واشنطن بوست” ان الأمر بالقتل صدر من أعلى المستويات في الحكومة السعودية، لكنه حيد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وقال أن لا علاقة له بالملف.
وشهر ما بعد الخاشقجي ليس كما قبله، وتحديدا في الداخل السعودي. لا سيما بعد عودة الأمير أحمد شقيق الملك سلمان بن عبد العزيز إلى المملكة، بضمانات أميركية- بريطانية جعلته طليق الحركة والمشاورات وربما القرارات. ولفت أن هذه العودة أعقبها إطلاق سراح الأمير خالد بن طلال بن عبد العزيز، وهو الابن الثالث للأمير طلال، شقيق العاهل السعودي وشقيق رجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال، وكان الأمير خالد محتجزا منذ أوائل العام الحالي، ليس بتهم الفساد التي نسبت إلى أمراء سعوديين، بل لأنه اعترض على سجنهم من دون عرضهم على القضاء.
والمتغيرات في السعودية لا يتوقع لها ان تقف عند هذا الحد. أما المتغيرات الأشمل في المنطقة والعالم، فتلك التي ستبدأ مع بدء العقوبات على ايران الأسبوع المقبل. ومع خنق الجمهورية الاسلامية الايرانية اقتصاديا، ثمة حرب تتحرك لخنق الدولار الأميركي واستبداله باليورو أو بالعملات المحلية للعديد من الدول. اليورو، الايوان، الين، كلها عملات تستعد للاقلاع، ما يدفع الدولار إلى الهبوط وعندئذ تكون الولايات المتحدة قد طبقت العقوبة الأولى على نفسها قبل الدولة الإيرانية.