استقرت رصاصة التعقيد في الجسم الحكومي، والوضع يدعو إلى القلق. لا تحسن في الحالة ولا أطباء السياسة يمنحون الأمل بالشفاء العاجل. وما يصل إلى مسامع اللبنانيين ليس سوى اتهامات بالعرقلة وبرمي المسؤوليات، على اعتبار ان الرامي هو راهب الدير السياسي.
وبكلام الكنائس، فإن البطريرك الراعي كان اليوم أكثر تعبيرا عن المشهد متسائلا: كيف يمكن أن يتفاهم ويتحاور ويتشاور أهل السلطة والتكتلات النيابية والنافذون، فيما كل فريق متمسك برأيه ومطلبه؟، هل المقصود تعطيل الدولة لغاية مبطنة ما؟. وناشد الراعي السياسيين بالقول: إفتحوا، أيها المسؤولون نافذة ليدخل نور الله إلى عقولكم وقلوبكم، فيخرجها من ظلمة المصالح والتحجر والبغض، ومن ظلمة الفساد والمكاسب غير المشروعة.
لكن “الرعيان بوادي والقطعان بوادي”. التصريحات بنية والأفعال بنية، فيما الوعود تتوالى، وآخرها ما أعلنه وزير الخارجية جبران باسيل من الجنوب، حيث رأى الحكومة “بالناضور”، وتوقع التأليف كعيدية، ووفقا لعدالة التمثيل. وإذا ما وضع تصريح باسيل موضع التنفيذ، فإن عدالة التمثيل ستعني الاعتراف بتمثيل السنة المعارضين في الحكومة، وهذا ما يرفضه الرئيس المكلف لتاريخه.
أما حفلات الاتهام بالتعطيل فتنتقل من ضفة إلى ثانية، وآخرها ما كان أعلنه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، متهما “حزب الله” بعدم الحل، قائلا: لو أراد الحزب حلها، لكان وزر السني المعترض من حصته، مثلما فعل في عهد ميقاتي.
ذاكرة جعجع ذهبت إلى الميقاتي ومحت “داتا المعلومات” عن عهد الفراغ، والذي ترشح خلاله رئيس حزب “القوات اللبنانية” ستا وأربعين مرة فاشلة، في ست وأربعين جلسة، فلماذا لا يذكر سمير جعجع الناس بتعطيله الرئاسة، ويستعيد ذلك المشهد الذي كان يعقد فيه مؤتمرا صحافيا في معراب عقب كل جلسة، ليعلن اصراره على البقاء مرشحا، إلى ان قرر أخيرا الإمساك بيد ميشال عون للرئاسة.
والتعطيل بالتعطيل يذكر، إذ ان كلا من جعجع ووليد جنبلاط “سمرا” التأليف خمسة أشهر بانتظار حل العقدتين المسيحية والدرزية. وأمام هذه المدة يصبح “حزب الله” بريئا، وتهمته مجرد “جنحة” إذا ما قورنت بجناية “القوات” و”الاشتراكي”.
ومن النفق الحكومي إلى الأنفاق عند الحدود، والتي اكتشفت اسرائيل منها مسلكا رابعا اليوم، وأعلن المتحدث الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي ان “الجيش الاسرائيلي أبلغ قوات الطوارئ عن وجود هذا النفق لكنه لا يشكل تهديدا. وبتهديد أم من دون تهديد، فإن ما تكتشفه اسرائيل يتواجد جغرافيا على أرض لبنانية، فليكتشفوا نفقا رابعا وخامسا وأحد عشر، وليخصصوا واحدا منها لمفرقعاتهم النارية المسماة أفيغاي ادري كمأوى دائم، فلبنان يعتبر ان الخط الأزرق هو خط مؤقت غير نهائي، لذلك بات على الدولة اللبنانية استعجال مخاطبة الأمم المتحدة لترسيم حدود يوافق حقها في أرضها، وضمنا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر.