Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 23/12/2018

سترات صفر لمن يعنيهم الأمر. والأحد اللبناني يصدر بنسخة عن السبت الفرنسي، هناك يطلب رأس ماكرون بمادة حارقة، لكن هنا الرؤوس متنوعة الوجوه.

المطالب مختلطة، النازلون إلى الشارع ليسوا حراكا قديما، بل حركة متعددة الولاءات الحزبية و”صفرا يا بلادي صفرا رزقك نوار” فالكل يريد، لكن النظام المصاب بداء طائفي والمعطل ب”صفيرا” مذهبية، لن يستطيع أن يحكم على حراك اليوم، فهو خليط من شعب سنحت له فرصة النزول إلى الشارع، على رسائل متعددة الاتجاهات، على جمهور احتشد افتراضيا قبل أن يصبح “حشدا شعبيا”.

في الشارع اختلط النازل بالنابل، وشهدت بيروت على حراك بفرعه “الثاني”، مواطنون يختزنون قهرا، لكنهم تظاهروا على توقيت دقيق، تنازع فيه الحكومة ويحتضر التأليف وتتطاير الاتهامات ويصبح البلد في مهب الريح، لهؤلاء الحق في التظاهر، وتقليد فرنسا الغاضبة، والاستنساخ من أي حركة احتجاجية شاؤوا، لكن وقوع التظاهرة على خط استواء سياسي، صنفها على أنها رسالة، وقرأها العهد أنها موجهة إليه حصرا، دون سراياه.

وأيا يكن من سمع رسالة اليوم، من الحكم وتوابعه، فحكما أنه استشاط وغضب وأدلى في سره بأقسى عبارات التنكيل، والتي مارستها على الأرض قوى أمنية ضاربة، وجدت الإعلام مرتعا لها، فصبت جام قوتها على صحافة “الجديد” تحديدا. وبعدما كانت الزميلة راشيل كرم “تصطاد الأسئلة والافتراضات”، وقعت اليوم في الشرك الأمني مع الزميل المصور زكريا الخطيب.

حال الشارع المتنقل الخطى من رياض الصلح إلى ساحة الشهداء فتقاطع الصيفي فالحمرا، كان يبعث برقيات سياسية بمغلف شعبي، فالناس غاضبون بلا شك، والسياسيون يلعبون بمسارح الشعب على كل اتجاه، الشعب يئن والسياسيون يعاينون دقات القلب ويسيرون دوريارتهم وفقا لها، لكن مصير الوطن يوضع رهن السياسات المتقلبة، وما من “يحس” أو يستحي أو يتلقف شرارة الشارع وتوقيته. فالرئيس المكلف يلتزم الصمت، لكن من قال له إن الصمت يتكلم في هذه اللحظة؟ من من نبغائه متوقدي التفكير نصحه أن عليه السكوت في زمن الحسم؟ الصمت ترف في غير زمانه ومكانه حاليا.

أما المصادر التي تلقي بالاتهامات ذات اليمين وذات اليسار، فهي أيضا تتبرأ من واقعة شاركت في صنعها، فقد سرب “التيار الوطني” أنه مهتم بإتمام تأليف الحكومة في أسرع وقت. وبالتالي ليسوا هم الجهة المعرقلة، فلا أحد يقوم بتعطيل نفسه، وأفرج “تيار باسيل” عن وقائع المرحلة الأخيرة من مفاوضات التأليف، معلنا أن رئيس الجمهورية سهل التأليف إلى الحد الأقصى وقدم مع رئيس “التيار” مبادرة من المستحيل أن يقوما بتعطيلها. لكن المفاجأة هي أن تراجعا عن هذا الاتفاق قد حصل، وذلك بالطلب إلى جواد عدرة أن يعلن بعد اجتماع دعي إليه مع “اللقاء التشاوري” بأنه يمثل هذا اللقاء حصريا. وبالتالي الطرف الذي تراجع عن الاتفاق بالتأكيد ليس رئيس الجمهورية ولا رئيس “التيار”.

وذكرت مصادر باسيل بأن “التيار الوطني الحر” رفض، كما السيد عدره، ممارسة لعبة الكذب والتحايل واعتماد لغة مزدوجة وملتبسة تجاه الرأي العام، خلافا لما طلبه البعض. ورأت المصادر أن الآخرين غير مكترثين لموضوع الأعياد والناس إلى درجة أن بعضهم يراهن على تظاهرات شعبية ضد العهد القوي، ما يوحي بوجود نوايا وإرادة بشل العهد، وهذا ما سنواجهه وما أدرج تحت صيغة المصادر، باح به جبران باسيل على “تويتر” قائلا: نحنا ما بنكذب، معلنا عدم الاستسلام.

لكن الثلث المعطل يلاحق باسيل، ويكشف عن تيار صار لاعبا بالزمن والرقم ومصير العهد، فإذا كان جبران باسيل لا يكذب فعلا، فعليه أن يثبت للرأي العام ول”التشاوري” ولجواد عدرا ول”حزب الله” ولكل الناس أنه يترفع عن وزير بالناقص أو آخر بالزائد، فما نفع البيانات والمصادر والتسريبات والتويتات، إذا كانت النيات لا تعطي النتائج نفسها؟ وبمختصر قد لا يكون مفيدا، فإن جبران باسيل استأثر مجددا، والعهد يرفع الصوت “أغيثوني إني أحتضر”.

الرئيس الحريري صامت في زمن يستلزم الموقف. “التشاوري” عاد إلى المربع الأول، “حزب الله” أحب أن يمرر لباسيل رسالة بسترة “صفراء” عابرة لزوم تقدير الموقف، والجميع خسر رجلا من زمن المراقبة والمحاسبة اسمه جواد عدرا، جاءهم من حيث لا يحتسبون، وإذا بهم يتنبهون، فقد يكون عدرا الرجل المناسب لكن في زمانهم السياسي غير الملائم، ولكل حصان سياسي جواد.