IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 02/02/2019

لا تسجل الأعوام أرقامها في سجلات التاريخ، ما لم تمر نارا أو رمادا من صوب “الجديد”، وشهر شباط تحديدا أجرى صفقة مع الاعتداءات على المحطة الساكنة جغرافيا بين الناس ومعنويا في قلوبهم. وعلى مدى سنوات اختبرنا الحريق والرصاص، وهذه المرة القنابل، ولم يتبق أمامنا سوى خوض تجربة “الإيهام بالغرق”.

وتوزعا بين الطوائف والمذاهب والأحزاب، فإن القنبلة هذه المرة من تصنيع مناصرين ل”الحزب التقدمي الاشتراكي”، وبذلك تكون طائفة الموحدين الدروز حملت آثام اعتداءين منذ عام 2010، الأول في الاحتجاج الجارف على عرض فيلم “طائرة من ورق”، والثاني عند فجر هذا اليوم، عبر إلقاء قنبلة يدوية طاولت شظاياها مبنى “الجديد” والمبنى السكني المجاور الذي تقطنه عائلات صودف أنها من الطائفة الكريمة.

ولأن تجارب الاعتداءات السابقة علمت فينا وزودتنا بتجربة البحث والتحري، ولأن السلطات المختصة من قضاء وأمن كانت تسلم أمرها “لراعيها” و”باريها” سياسيا، من دون أن تتوسع في التحقيق أو تقدم على توقيف فاعل، فقد قررت قناة “الجديد” أن تجري تحقيقاتها، وفقا لما استجمعته من معلومات، واستنادا إلى كاميرات المراقبة، وبناء على استقصاء ساعات قليلة، كان الفاعل قد ظهر أمامنا بكامل هويته.

وإننا إذ نقدم المعلومات بشأنه إلى السلطات المختصة، نتوقع أن يجري توقيفه من دون تدخل لأي من مرجعياته السياسية، وإذا حصل ووقعت التدخلات، فإن ذلك سيكون محط ملاحقة وبالاسم، للتشهير بالزعيم الفاعل الذي سنعتبره شريكا في الجرم. وحان الوقت لأن تستحي هذه المرجعيات على اختلاف رفعتها وتنوعها وأديانها “الطايلة”، لأن “الجديد” وفي غضون سنوات قليلة اختبرت كل أنواع الاعتدءات، من حرق وحجارة وتظاهرات بهدف التكسير والزجاجات الحارقة والرصاص على مكاتب رئيس مجلس إدارتها، وعربدة الزعران على آلياتها وتجهيزاتها، وكل ذلك كان موثقا صوتا وصورة ومقدما إلى القضاء، لكننا كنا نواجه بسوقنا إلى التحقيق وليس بتوقيف الفاعلين.

اليوم هذا هو اسم المعتدي، ولن ننتظر لنرى. علما أن هناك بوادر إيجابية بالتوقيف، عكستها تحقيقات استخبارات الجيش، وكذلك موقف وزيرة الداخلية ريا الحسن التي اتصلت ب”الجديد” مستنكرة وواعدة. ونضع كامل معلوماتنا في تصرف الوزيرة لتتمكن من الأداء الحسن، وكما سجلت سابقة بوصول المرأة إلى هذا الموقع، فإن الإعلام وعموم الناس سيكونون بجانبها لأداء المرأة الحديدية في وزارة الداخلية. ولم يعد مسموحا أن تعرف الدولة كل الإرهابيين وتتمكن من توقيفهم وتلاحق المجرمين وتسحبهم من “سطل الجبنة”، وتقف عاجزة أمام المجرمين المحميين بمرجعياتهم السياسية.

وإذا كان الحزب “الاشتراكي” قد أبدى كل الاستعداد لتسليم الجاني، فإن مواقف بعض السياسيين منحت الجناة بطاقة عبور وإجازة سوق، ففي أول إطلالة له كوزير للإعلام اختار جمال الجراح أن يلقننا درسا في الأدبيات الصحافية والأخلاق المهنية التي جافته على زمن وزارة الاتصالات، الجراح الذي يدرس في كتاب المبايعة السياسية السريعة، بايع المجرمين عندما برر لهم فعلتهم، وأخذ يقدم لنا عظة السبت، “مفتيا” بأن الإعلام مسؤولية ويجب عدم التجريح بالأشخاص والأحزاب، وعلى الاعلام أن يكون موضوعيا.

تعازينا بأنفسنا وبوزير “ابتلى” به جسم صحافي، لكننا ما زلنا نعول على بضع زعامات رفضت هذا العمل الاجرامي، وبينهم رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي أوعز إلى الجاني بتسليم نفسه خلال ساعة من الآن.