IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 18/05/2019

على بعد يومين من وداع تاريخي، ورحيل متألق بحب الرعية، حقق البطريرك مار نصرالله بطرس صفير أولى المعجزات: فعلق إضراب العدليات، فتحت النيابات في عطلتها، وسجن بشارة الاسمر عقب رجم طاول اعتداءه على المقامات.

يوم “السبت الأسمر” بدأ منذ ليل الجمعة، عندما تحركت الدولة والأحزاب المعنية والكنيسة، وجرى إيقاظ القضاة من اعتكاف على الموازنة. ومن لم يتسن له استصدار بيان الإدانة ليلا، استلحق نفسه في وضح النهار.

لا جملة في كلام رئيس الاتحاد العمالي العام يمكن أن يتحد عليها، ومواقفه جاءت مخزية، محرجة، مدانة إلى كل صنوف وصف الأفعال الفاضحة، لكن الدولة بحاضرها وماضيها، هدمت الهيكل على رأس الصرح وسيده ذات حرب، وضمنا أولئك الذين تقدموا صفوف مراسم الجناز. وبشهادة من البطريرك الراعي في يوم الرحيل، فإن الكاردينال صفير لاقى إساءة معنوية وجسدية، وانطبقت عليه الآية الانجيلية “سينظرون إلى الذين طعنوه”.

هو تذكير بالماضي، سجله سيد الكنيسة على الحضور، ولو اتبع الصوت والصورة لأعاد إلى أذهان الناس شريطا مصورا تبدو فيه “الرعية” تفتك بالبطريركية.

لا عزاء للأسمر. وأقواله ستدخل التاريخ من أسوأ سمعته، غير أن الطوباويين من أهل السياسة اليوم، قد دخلوا في مباراة تسجيل الموقف والمزايدات، وشعروا بالنصر لأنهم “قبضوا على فاعل” تسبب بأذية من نوع الخطيئة. ولو عاد صفير حيا، لما ترك أبواب المزايدات مفتوحة على مصارعة سياسية، ولاتبع خطى المسيح وهو الذي مشاها يوما على طريق مصالحة الجبل، وغفران آثام حرب قتلت ما قتلت. فعنوانه بعد الوفاة “مثلث رحمة”، وهو المتدرج في أيادي القديس البابا يوحنا بولس الثاني الذي زار من حاول اغتياله في السجن وعفا في لحظة إيمان.

لكن السياسيين وجدوا ضالتهم اليوم في شريط فيديو مسيئ يخدم المعركة في من يدافع أكثر، ومن يحق له أن يمثل المسيحيين أكثر في قارة لبنان العظيمة.

ومرة جديدة، ليس لبشارة الأسمر أي عذر، وإذا كانت هناك من محاكمات يستحقها فستكون على تطويعه الاتحاد العمالي العام خدمة للسياسيين، وعلى عدم تحويل هذا المحفل العمالي الكبير إلى أداة ضغط على السلطة لتحقيق مطالب الناس. أما كلامه عن الكارينال الراحل فتصنيفه في القضاء، وليس لأهل السياسة ممن يرتكب بعضهم رذائل يومية أن يحاضر اليوم في العفة.