ثماني عشرة جلسة، لا المشروع بلغ سن الرشد ولا الموازنة استحصلت على تأشيرة أهلية للعبور من السرايا إلى ساحة النجمة، ولا الوزراء خفضوا منسوب التوتر في النقاش، أما رئيس الحكومة سعد الحريري ففاض به السجال وضاق ذرعا بالدوران حول الذات وإعادة النقاش بما اتفق عليه إلى مربعه الأول، وعلى العصب المشدود رفع الجلسة إلى يوم الجمعة، وأمهل الوزراء ثماني وأربعين ساعة.
اللجنة الوزارية المصغرة لم تفلح في الحلحلة إذ بدلا من إزالة العوائق من أمام البنود المتبقية عادت لتناقش أمورا صدق عليها ما دفع الحريري إلى إعادة لم الشمل والطلب الى الوزراء الانضمام إلى المجلس الوزاري والكلام على المكشوف.
في كواليس جلسة اللجنة المصغرة أخذ ورد بين باسيل وخليل فتدخل وزير الأشغال وردم الحفرة بين الخارجية والمال باقتراح لتقريب وجهات النظر الاقتراح السري صار علنيا بعدما تصدى له وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي الذي رفض حل الخلاف في خلوة ثنائية وطالب بنقله إلى مجلس الوزراء مجتمعا لكن فنيانوس وضع الإصبع على الجرح، حين قال إن النقاش لن يصل إلى أي مكان ما دام المجلس منقسما بين رأيين ليعود التناغم المستتر بين أمل والتيار ويعتصم الطرفان بالصمت بعد رمي الثناء كل على الآخر.
مصادر في التيار الوطني الحر أفادت بأنه خلافا للمناخات السائدة فإن الأجواء لم تكن سلبية وعلى ذمة المصادر فإن وزير المال لم يجلس في غرفة جانبية بل كان في عداد الحاضرين ولا خلاف معه لا بالشخصي ولا بالسياسي ولا بمن يمثل وأضافت المصادر إن باسيل تقدم بأكثر من اثني عشر مقترحا جديدا دخل إليها من أبواب جباية الأموال من خلال ضبط الهدر لا عن طريق فرض الضرائب وهذه المقترحات بحسب التيار الوطني استوجبت عقد جلسة جديدة يوم الجمعة وتقرر الموعد بحضور وزير المال. وإلى أن يكون يوم الجمعة خاتمة الأحزان فإن مشروع الموازنة الذي سيصل مقطوع الأنفاس إلى مجلس النواب بعدما أشبع مماطلة في الحكومة لم يخل من ضرائب شكلت مادة تندر بين اللبنانيين وبفرضه ضريبة الألف ليرة على “راس المعسل والتفاحتين” يكون قد خرق قانون منع التدخين في الأماكن المغلقة لقاء بدل مالي لن يعرف طريقه إلى الخزينة ما دام الديليفري “شغال” ورب ضارة نافعة.