IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 26/11/2016

aljadeed

 

عن عمر ناهز التسعين، لا عن كوبا الأبية، عن حكاية حرية، توفي فيديل. هو الثورة المستمرة، ويكفيه عزة أنه كان شوكة أميركا في هذا العالم، ورجلا لم تفرش له الثورة طريق ورود، بل زرع من حول الولايات المتحدة حديقة يسارية مناهضة للقوة العظمى. هو نبض كوبا، الذي تعثر عليه في مدارس ومستشفيات عممها للفقراء، في زعامة رسمت على صورة رغيف خبز، ولو حكمت خمسين عاما.

رحل فيديل اليخاندرو كاسترو، الاسم التوأم لتشي غيفارا. وإذا كان مرضه المعوي قد أقعده منذ عشرة أعوام، فإنه تسبب بأمراض في المعدة السياسية للولايات المتحدة على مدى عقود. واختار الحصار على التبعية. على أرضه معتقل غوانتانامو، لكن الزعيم الكوبي شكل في حياته السياسية غوانتانامو مقلقة لأمريكا، التي لم ينفتح عليها إلا في عهد باراك أوباما.

رفيق غاب، ورفيق فك عزلة غيابه بخطاب ليس كخطابات كاسترو المعمرة، سعد الدين رفيق الحريري، زعيم تيار “المستقبل”، اعتلى مسرحا سياسيا مستجدا “طلة” وموقفا. كسر الحريري كل التعاليم الجافة السابقة، وتخطى تلك الابتكارات المصطنعة التي كان يرشد إليها عن غير دراسة، وعوضا من نزع الجاكيت قرر أن ينتزع الحواجز بينه وبين الناس، وأن يكون من الشباب، بلون أزرق، يحمل بطاقة الدخول والانتماء على صدره كبقية المشاركين.

مشى الحريري على مسرح الخطابة، كمن يتمشى في وسط المدينة، يتحدث إلى المارة ويمازح بعضهم. وعندما يهم بالعطش في ظمأ مقصود، يبحث عن كوب ماء خلناه للحظات أنه سيكون كوبا من “الليموناضة”. خطاب الرفيق سعد غلب لغة العبور إلى العروبة، كخيار لا يدفع الآخرين إلى اليأس، ليرمي بهم في أحضان الدول النووية، فقال في لفتة نادرة: نحن تيار هوية لبنان العربية، فالعروبة فعل انتماء عميق إلى بيئة حضارية وانسانية وثقافية، ولن تكون فعل استقواء ووصاية وهيمنة، ولا وسيلة لاستيراد الولاء الطائفي والمذهبي. وخجلا مر على السلاح من دون أن يصعد ب”حزب الله” على مسرحه الشعبي، طلبا للجمهور، وإن تحدث عن تيار الجامعات لا تيار الميليشيات.

كان سعد الحريري في أكثر المراحل قربا إلى الناس والعهد والحزب والدولة والعروبة، على نقيض ما زعمته ماري لوبان في احتفال السفارة اللبنانية في باريس، عندما غيرت هويتنا وصفتنا وقالت لنا: أنتم اللبنانيون لستم بعرب.