رفعت الجديد الانقاض وقامت من بين الردم.. لكن لدى معاينة الأضرار المادية والبشرية وجدنا أن جريحا واحدا هو الإمام المغيب موسى الصدر قد أصيب على بعد ثمانية وثلاثين عاما وعلى قرب من القلوب. فالزجاج الذي تطاير بالأمس.. كسر خاطر إمام عابر للعنف.. محارب بسيف الحوار.. معتصم بالله حكيم ورع مستقيم.. إمام قدس الكلمة والرأي والصحافة وأقسم على ألا يغرف إلا من حبر الحقيقة وفي أعرافه التي أصبحت تعاليم حياة فإن الصحافي لا يهان.. لا يحارب بالضغط.. لا يحارب بالفقر الصحافي لا يغتال..
لن يختلف اثنان في وطن الصدر على أن الإمام ليس غائبا لأنه بنى وعيا خارجا عن التعصب.. يمد اليد.. يثور على الظلم ويقاتله حد المواجهة.. لكن سيختلف اثنان وثلاثة في أن من هاجم وكسر واعتدى ووجه الشتائم لم ينتم يوما الى مدارس الأمام موسى الصدر ولم يقرب صلاته.. لم يقرأ كتابه لا بل حمل صورته ليرشق بها.. تظلل عباءته ليخفي سواده.. رفع شعاراته ليحولها الى سباب شائن.. فماذا لو سمعكم الإمام؟ أي دين أمركم بالغزو عبر استعمال السماحة؟ وهل أنتم حقا من أمة السيد؟ ونسألكم باسم الغائبين: من أنتم؟ أي وكالة تحملون؟ وبلغة الإمام السيد المستنير.. نعلنكم أنفسا أمارة بالسوء.. وقد أسأتم أولا إلى مؤسس حركة المحرومين.. وعكرتم غيبته ورميتم بنضالاته في شارع جبل العرب. سرقتموه من صلات قصر وسرتم خلف “وسواس خناس” من دون أن تتنبأوا..
فالجديد لم تسىء ولا يمكنها أن تسيء الى خط أمام هو عنوان النضال والمقاومة.. وإذا أساءت من دون تخطيط فسيكون لها جرأة الاعتذار بطرق حضارية.. بالكلمة والتعبير وليس عبر استعمال الشارع وترويع الناس.
ولكن قد لا نعتب على الشارع إذا كانت القيادات والمرجعيات تسعر النار حيث أصحاب الولاية يتحدثون بما يحتمه عليهم الواجب السياسي.. فبعد ولاء رئيس المجلس الوطني للاعلام وتقديمه فروض الطاعة السياسية.. صدر بيان عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يدين الإعلام الذي يقلب المفاهيم ويستنكر ما سماه الأسلوب اللاأخلاقي بحق مؤسس المجلس الإسلامي الإمام موسى الصدر.. على أن البيان لم يلحظ أي إساءة في أسلوب الاحتجاج الذي خالف شرع الله.. وكاد يهنىء الفوضويين بتعبير: حي على خير العمل.