بعد مئتي تهديد بشن حرب على لبنان، انتقلت اسرائيل الى التنكرّ بزيّ السفارات وروجّت لهلع المغادرة على توقيت صيفي دقيق ورفعت لبنان الى الدرجة الحمراء وإذ تُجري السفارات تقييما دوريا روتينيا يتعلق برعاياها فان حملة الشائعات طالت السفارة الكندية على وجه التحديد، والتي نفت للجديد اتخاذَ اي قرار مستجد يتعلق بمغادرة الرعايا ليتضح بعد ساعات طويلة من البلبلة ان القناة الثانيةَ عشرة العبرية ادعت ان الحكومة الكندية اطلقت إجراءاتِ طوارئ َعسكريةً لإجلاء خمسةٍ واربعين ألف شخص من دبلوماسييها ورعاياها في لبنان وسط مخاوف َمن اندلاع الحرب بين إسرائيل و”حزب الله”. واللعبُ الاسرائيليُ بالاسلاك الدبلوماسيةِ احبطته السفارةُ الكندية فيما لجأت دولٌ اخرى الى تجديد الانذارات كاجراءٍ طبيعي غيرِ مستَنِد ٍ الى معلوماتٍ مؤكدةٍ بنشوب حربٍ واسعةٍ الا في حال تسنّى للدول وسفرائِها الاصغاءَ الى حديثِ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والذي ادلى اليوم بمفرداتٍ تقع على خطوط النار فاعتبر ان : المصيبة الكبرى قادمة متوقعا ان يذهب الوضعُ في الجنوب الى مواجهات بين حزب الله واسرائيل، وتوقع مزيدا من التفجير وان نكون على ابواب تصعيدٍ اكبرَ من الذي نراهُ راهنًا وهذه التوقعات وحدَها تبعث على الاطمئان لما لجعجع من نبؤءةٍ غالبا ما يأتي الزمنُ بعكسها. عدا عن أن اسرائيل تقع اليوم على فالق حربي يهتزُّ من الداخل الى ما وراءَ البحار وتُجري تقييما مع اميركا على الحرب وآفاقِها وتسلّحِها ومُخرَجاتِ يومِها التالي، وبشهادة من اهلها قال السفير الأميركي السابق في إسرائيل مارتن إنديك إن تل أبيب في حالة حرب على جبهات ٍ عدة مع حماس في غزة ومع الحوثيين في اليمن ومع حزب الله في لبنان ومع إيران، ومع ذلك يهاجم نتنياهو الولايات ِالمتحدة بناء على كذبة اختلقَها ما يعني أن على رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون سحبَ دعوتِه لنتنياهو لمخاطبة الكونغرس حتى يتراجع ويعتذر. والى خلافها مع الاميركيين وحساباتِها المترددة على جبهة الشمال وصلت الى اسرائيل واميركا معاً اليوم دُفعةٌ على حساب البحر موقعةٌ من اليمن لكن الضربة هذه المرة تجرأت على سيدة البحار ” ايزنهاور ” اذ اعلن المتحدث العسكري باسم جماعة أنصار الله العميد يحيى سريع عن تنفيذ عمليتين عسكريتين في بحر العرب والبحر الأحمر واستهدفت العملية الأولى سفينة شحن تدعى Transworld Navigator” والثانية أَطلقت على حاملة الطائرات الأميركية “آيزنهاور” شمالي البحر الأحمر صواريخَ باليستية ًومجنحة. هذا المسار المتلاطم اسرائيليا واميركيا من البحر الاحمر الى جنوب لبنان لم يدفع اسرائيلُ الى الحد من نشر نيرانها في القطاع وقد اضافت اليه اليوم مقرَ الصليبِ الأحمر الدولي في غزة الذي استهدفه العدو بقذائفَ من العيار الثقيل واوقع اثنين وعشرين شهيدا وخمسة ًواربعين جريحا من مئات النازحينَ الذين لجأوا إلى محيطه طلبا للأمان وتوالت مجازرُ اسرائيل بحق المدنيين لاسيما اليوم في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة وحي التفاح شرقا حيث سقط اكثرَ من 50 شهيدا وعشرات المصابين عدا عن العالقين تحت ركام المربعات السكنية التي استهدفها طيران الإحتلال والمكتظة بالنازحين. وهبوب النار كان على اشُدّه في بلدة الخيارة في البقاع الغربي حيث استهدف الطيران المعادي سيارةَ مسؤولٍ في الجماعة الاسلامية “قوات الفجر” وهو أيمن الغطمي ذو التاريخ من العمليات العسكرية ضد العدو لكن الاغتيالات ِ لم تغيّر المعادلات واسرائيل التي بقيت للشهر التاسع خارجَ الحربِ الشاملة لن تنتحر اليوم بمعركة يدخلُها جنودٌ منهكون .