Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 13/09/2020

تبعا لنشرة التحكم المروري السياسي، فإن طريق بعبدا سيسلكها غدا الرئيس المكلف مصطفى أديب، يقدم تشكيلته إلى رئيس الجمهورية، الذي إما أن يوافق عليها وعندها تشق دربها إلى جلسة الثقة، وإما يرفضها ولا يصدر المراسيم الثلاثة المتعلقة بها، ويطلب من أديب إعادة “الخلطة” بما يؤمن المعايير.

وفي ساعات ما قبل الإقلاع إلى بعبدا، كانت المساعي متوقفة، والمسارب إلى عين التينة مسدودة بعد إعلان الرئيس نبيه بري الخروج من التشكيلة، قائلا إن المشكلة ليست مع الفرنسيين بل من الداخل، وقد أبلغنا رئيس الحكومة المكلف من “عندياتنا” ومن تلقائنا عدم رغبتنا في المشاركة.

وإذ أخذ بري على التأليف اتباعه فيتوات على وزارات والاستقواء بالخارج وعدم إطلاق مشاورات، كان رئيس “التيار الوطني الحر” يشكو الاستقواء نفسه، لكنه يضرب الجميع بعصا واحدة، فيدور المداورة ويعارض المثالثة ويهجم على “النحس” المتمثل في سمير جعجع، ويقزم حركة الثوار إلى مستوى الميليشيات، ويعلن أن لا رغبة ل”التيار” في المشاركة: “وما حابين نشارك فيها، كتير عم يحكوا معنا وإنو ما بتتشكل حكومة من دوننا، ونحن نجيبهم أن رئيس الجمهورية بتمثيله وميثاقيته يغطينا ويغطي الحكومة ويعوض عنا في هذه الظروف الاستثنائية”.

وعلى هذا المسار، وما لم تجر اتصالات اللحظة الأخيرة، فإن أديب يذهب بتشكيلة العزف المنفرد إلى بعبدا، ليكون في مواجهة مع شريكه دستوريا، إذ يتقاسم مع رئيس الجمهورية المادة الثالثة والخمسين من الدستور، والمتعلقة بفقرتها الرابعة بإصدار المراسيم. وسيكون مصطفى أديب عالقا كرئيس مكلف، من دون أن يبلغ مرحلة تصريف الأعمال.

هذا في الدستور، أما في الوقائع فإن الجميع فوض قصر الصنوبر صلاحية إصدار التأليف والمراسيم، وأعطى الرئيس الفرنسي ما لم يعط لكبار المنتدبين عن لبنان عبر التاريخ، ولما ارتضوا بملء إرادتهم تأليف حكومة بخمسة عشر يوما بعيدة عن السياسيين، ولما وافقوا، فهذه المرة “صدق” وعلى الطريقة الفرنسية، ولا دور لمطرقة رئيس مجلس النواب لأنه تنازل عنها بتاريخ لم يمر عليه الزمن.

وبتمرد كل من بري وباسيل على دخول الحكومة، يطرح السؤال: من دعاكم؟، من عزمكم؟، فكلاكما اتفقتما مع الدولة الفرنسية على تفويض باريس ومنحها صلاحية التدبير الوزاري. وإذ بالرئيس بري اليوم يرتدي gilet jaune ويعلن التحاقه بالسترات الصفر التي عاد وجهها إلى السبت الفرنسي. الآن أفقتم على الاستقواء بالخارج؟، فظهر باسيل رافضا، وكتب بري متحسسا من التدخل، وفاضت “بحصات” ارسلان على المكب السياسي، منتقدا الكيدية الداخلية في حكومة الأمر الواقع عبر الاستقواء بالخارج.

جميعكم من أعطى الخارج براءة اختراع في الاستقواء، ووافق على حكومة تمنح اللبنانيين الأمن والاستقرار، وكان ممنوعا على أي منكم الاقتراب صوبها. هي بتأليف فرنسي؟، نعم بتأليف فرنسي وبرفع الأيدي عبركم، وهي بلإجماع الاتحاد الأوروبي وبدعم أميركي وبنأي نفوس عربية بالها اليوم ليس معنا ولا عندنا.

وبات على كل محارب ضد التشكيلة، وكل مشارك في التوليفة، أن ينظر إلى مدينة مات أهلها وقل فيها الدين. والويل لأمة لبنانية كل منها يصرخ وينادي: أنا أمة. وعلى الأقل استمعوا لأصوات رمتكم اليوم بحجارة النقد من على رؤوس الكنائس في أربعين ضحايا المرفأ، فقال البطريرك الراعي إنه لا يمكن بعد الآن القبول بحكومة على شاكلة سابقاتها التي أوصلت الدولة إلى ما هي عليه من انهيار، لا لحكومة يكون فيها استملاك لحقائب وزارية لأي طرف أو طائفة باسم الميثاقية. أما المطران الياس عودة فقد خاطب سياسيي بلادنا بعبارة يستحقون معناها: إنهم أدمنوا فن الرقص على الجثث.