جمعة مباركة عربيا برفض حكم العسكر. ومتهالكة لبنانيا بمطالب العسكر التي انضمت إليها اليوم جمعيات ومصرف مركزي وجامعة لبنانية ومستشفيات، وكل يدفع باتجاه حقوقه والتمسك بمكاسبه، وعلى الرغم من طوفان المطالب محليا واتساع رقعة الشكوى، فإن أي حراك اعتراضي لم يبلغ مستوى شارع واحد في الجزائر ولا دسكرة في السودان، واقتصر التحرك الاحتجاجي على بضعة يسار بقي من تظاهرة الأول من أيار، واتخذ رياض الصلح مكانا له وقرر أن يقفل فمه للتعبير بالصمت
البلاد المنهوبة .. نائمة والشعب لا تحركه الصدمة أما الحكومة فتوقعت من المواطنين التصفيق لها لأنها ألغت الإعفاءات الجمركية عن سيارات النواب والوزراء ولم تقل لناسها إن هذه الامتيازات هي حصرا لسياسيي لبنان .. ويخجل أي بلد في العالم اقتناصها من المال العام .. فلماذا كانت موجودة من أساس فكرتها .. وكيف كان يسمح للنواب بالإعفاءات الجمركية عن سيارات سوف يتاجرون بها .
وفي مقابل رفاهية السيارات والمواكبة فإن وزراء ونوابا في عدد من الدول الأوربية، يقصدون مكاتبهم إما بسياراتهم المتواضعة وإما مشيا على الاقدام وفي أغلب الأحيان يستخدمون الدرجات الهوائية، فيما تقفل لدينا شوارع وطرقات مع مرور موكب الزعيم أو ما يعادله من سياسيين، ومع أن وزيرة الداخلية ريا الحسن كانت أول المبادرين الى رفع العوائق والحواجز الأسمنيتة في محيط وزارتها غير أن موكبها الأمني يكاد يوازي ثكنة.
وإلى رفع أول امتياز في الموازنة فقد أرجأ الوزراء العمل الإضافي يومي السبت والأحد وذلك لارتباطات ومواعيد التزموها في بعض المناطق وبينها ” غزوة ” سيقوم بها رئيس التيار القوي إلى زحلة
والتأجيل خلف استياء لدى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان يفضل الانتهاء من الموازنة قبل بدء شهر الصوم .
وجلسة اليوم ناقشت رفع فوائد الأرباح على المصارف من سبعة إلى عشرة في المئة، فيما حسم وزير المال أن لا أحد يفكر في حرمان العسكريين التقديمات من طبابة ومساعدات مدرسية ولا في حرمان سواهم من الموظفين في المؤسسات العامة، لكن الوزير خليل أعلن من صيدا أن على المصارف والقطاع المالي المساهمة في تحمل العبء، والعبء حملته ثلة من قطاع التجار والمصرفيين لبحثه لدى الرئيس فؤاد السنيورة بما ينطبق عليه أحد أمثال الرئيس نبيه بري ” اجا المستوي عند المهتري ” فلا التجار يثقون بقدرة السنيورة على الحل ولا الرئيس السابق للحكومة المثقل بتهمة الأحد عشر مليارا لديه مفتاح يطل على الحلول .
وكل الأزمات الضاغطة معيشيا ظلت بعيدا من الشارع المحكوم بعوامل عدة تأسر خروجه في تظاهرات مليونية كالتي شهدتها الجزائر اليوم التي أثبتت هي والسودان أنهما تغلبا على كل المحاولات الأميركية والخليجية لفرض العسكر حاكما بديلا من الانظمة المخلوعة بقوة الشعب وعلى الرغم من ترحيل عبد العزيز بوتفليقة وسجن عمر البشير فإن التظاهرات لا تزال سيدة الشوارع رفضا لبقاء بقايا النظام في الدولتين .. وقد سلخ قادة الحراك الجزائري السوداني عنهم طموحات الحكم وفاوضوا على بدائل مدنية لا يتدخل فيها العسكر إلا بصورة فخرية .