في لبنان فريق يصرّ على الشارع، وفريق يصرّ على المؤسسات. قد لا يكون مؤدَّباً الحديث عن “أبناء شارع” و”أبناء مؤسسات”، لكنّ إعلام حزب الله وصف من جابوا شوارع بيروت أمس بالغوغاء المذهبية، وهم ليسوا أكثر من ذلك.
شتّامون لا يعرفون أصول الدين، وزعرانٌ حاولوا ترويع أهالي بيروت، وخارجون على كلّ قانون لا تردعهم أصول ولا اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية. بدرّاجاتهم النارية، ونيران سمومهم المذهبية، أثبتوا أنّ هناك فريقاً في لبنان يلجأ إلى التهويل والترهيب كلّما شعر بالخجل السياسي، بسبب مواقفه الخاطئة وبسبب خياراته التعطيلية.
بعد يومين لبنان على موعد مع الجلسة رقم 36 لانتخاب رئيس في مجلس النواب. مرشّحان قريبان من حزب الله، ومرشح ثالث مستقلّ، وحزب الله أمام امتحان الإفراج عن لبنان وإخراجه من دوامة التعطيل وعين العاصفة الإقليمية التي يصرّ على وضعه فيها.
لكن على ما يبدو فإنّ إحراجه وخجله من افتضاح تعطيله الحياة السياسية، يحاول ستر عورته بتأليب الشارع واستنفار العصبيات المذهبية، وتحريك سراياه العسكرية، تارة بمسلّحي السعديات، وأطوارا بوحدات الدراجات النارية الخاصّة التي قامت بـ”ميني غزوة” لبيروت ليل أمس، بعدما طوّقتها بالنار والإطارات المشتعلة ليل الأول من أمس.
لكن كلّ ذلك لا يفيد. حزب الله الذي يستشعر فداحة الهاوية التي يدفع اللبنانيين إليها، اقتصاديا وماليا وعربيا وسياسيا، لن تنفعه كل الإطارات المشتعلة في العالم، لصناعة قنبلة دخانية تغطّي حقيقة واحدة، وهي أنّه يجرّ لبنان إلى العزلة العربية والإفلاس المالي، بعدما جرّ اللبنانيين إلى الدم السورية والحروب العربية.
صباح الأربعاء 2 آذار سيتأكد اللبنانيون أنّ تعطيل لبنان ومؤسساته الدستورية صناعة إيرانية، بتنفيذ حزب الله. إيران التي تفتك بشبان حزب الله قبل شبان لبنان الآخرين، وتوزعهم إلى قسمين، واحد في شوارع بيروت للترهيب، وآخر في شوراع سوريا، يقتًل ويُقتَل، وقد قضى تسعة منهم خلال الساعات الماضية، أحدهم قيادي ظلّت جثّته في الطريق أياماً، قبل عملية عسكرية لاستعادتها.