هناك من لا يريد للبنان الهدوء. وإذا لم يجد معركة، يخترع معارك وهمية، يقررها وحده، ويجعل اللبنانيين كلهم يدفعون ثمنها، دون استثناء. تارة بحجة حماية مقام في هذه الدولة، وطورا بحجة الدفاع عن شعب في دولة أخرى، وفي أحيان كثيرة ليقول إن قرار الحرب والسلم، ورقابنا جميعا، مصيرها في يده، وفي يده فقط.
هذا ما يخرج به من استمع إلى كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي لم يترك بلدا عربيا إلا وهاجمه. بدأ بالمملكة العربية السعودية، التي لم تبردْ بعد محركات الطائرة الرئاسية التي أقلت منها وإليها رئيس الجمهورية ميشال عون، معرجا على اليمن والبحرين، كعادته في التدخل بشؤون دول أخرى، وصولا إلى الإمارات، التي يهاجمها على غير عادة. واتهم العرب بالتحالف مع إسرائيل، من دون سبب.
نصر الله لم يكتف بتهديد الدول العربية، بل أعاد أجواء الحرب مع إسرائيل بإعلانه تهديد مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي، على وقع التوتر الأميركي الإيراني. وهل يوجد أكثر دلالة من توتير لبنان مع جيرانه وأشقائه العرب، واتهام العرب بالعمالة وإعادة توجيه السهام باتجاه دول الخليج، على مسافة اقل من ثمانية واربعين ساعة على عودة رئيس الجمهورية من بلدين عربيين؟
كأن مهلة المئة يوم للعهد قد انتهت، وقد بدأ الحصار. فالتوتر والتهديد بالحرب يلغي كل مفاعيل الهدوء التي شاعت، ويخيف السواح، والمستثمرين، ويجعل لبنان مجددا في مهب الرياح الدولية، والغيوم الأميركية الإيرانية التي يريد لها نصر الله أن تمطر في بيروت.