IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “المستقبل” المسائية ليوم الأحد في 02/06/2019

رد الوزير جبران باسيل على نفسه، فنفى نفيا قاطعا ما نسب إليه حول المارونية السياسية في بلدة تل ذنوب في البقاع قبل أيام. وتوج هذا النفي باعلان براءة العماد ميشال عون و”التيار الوطني الحر” من المارونية السياسية وسائر المذهبيات السياسية في البلاد، وهو أمر جيد يطوي كلاما تناقلته المواقع الاخبارية واكدته الشخصيات التي شاركت في اجتماع تل ذنوب وأثار موجة من الاستنكار والتذمر لدى أكثر من مكون سياسي في لبنان.

غير أن المستغرب والمثير في الخطبة التي أطلقها الوزير باسيل من الشياح، اللهجة العنترية في مقاربة المسائل السياسية، واصراره على خوض غمار المواجهات بزلات اللسان المقصودة وغير المقصودة، على صورة الاتهامات التي وجهها لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. وقد يكون من المفيد للرأي العام اللبناني وللوزير باسيل التوقف في ضوء ما قيل وقال عند الآتي:

أولا- ان الوزير باسيل يرد على حملة هو من بدأها وتسبب بها، ولو سارع إلى نفي ما نسب إليه في تل ذنوب، لما كانت الذنوب قد أحاطته من كل الجهات.

ثانيا- ان الوزير باسيل ومعه “التيار الوطني الحر” لا يملكون حقوقا حصرية بمكافحة الفساد، وتلويحه بفتح المشاكل مع الجميع، مجرد حركة شعبوية لا تبدل في واقع الأمور شيئا.
إن مكافحة الفساد مهمة وطنية تتشارك فيها الارادات التي اجتمعت تحت سقف الحكومة، وتوافقت على برنامج حكومي هدفه اخراج البلاد من لعبة الانفاق المسدودة، وإنهاء المسلسل الطويل للهدر والتعطيل والمحاصصة الذي لا يمكن لأي طرف شريك في السلطة أن ينأى بنفسه عنه ليرمي تبعاته على الآخرين.

ثالثا- ان رفع شعار الدولة المدنية يقتضي أول ما يقتضي مغادرة المربعات الطائفية، واعتبار المحاصصات الطائفية والمذهبية الوسيلة الأنجع لما يسمى استرجاع حقوق المسيحيين، بمثل ما يوجب على سبيل المثال لا الحصر، وضع نتائج امتحانات مجلس الخدمة المدنية موضع التنفيذ، وتطبيق القوانين التي تجعل من المواطنية صفة تعلو على الولاء الطائفي.

رابعا- ان اللواء عماد عثمان ليس أهم من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وهو موظف في خدمة الدولة والشعب، لكن السؤال الأساسي الذي نضعه برسم اللبنانيين وبرسم الوزير باسيل، أين هو “التيار الوطني الحر”، وزراء ونوابا وحزبيين، من الرخص التي تنسب للواء عثمان، وما هي الحصة التي نالها “التيار” والوزير باسيل من خدمات اللواء عثمان، وما هي لوائح تراخيص الآبار التي شملتهم في كافة المناطق.

أما الحديث عن تراخيص المرامل والكسارات، ومحاولة رميها على قيادة قوى الأمن الداخلي، فهو الضلال المبين بعينه، لأن الوزير باسيل يفترض أن يعلم أن اللواء عثمان لم يوقع على معاملة كسارات ومرامل واحدة منذ وصوله إلى قيادة قوى الأمن، وأن من كان يوقع على التراخيص غير القانونية هو وزير البيئة في الحكومة السابقة وأحد ابرز المقربين المكلفين بخطوط الدفاع عن سياسات رئيس “التيار الوطني الحر”. وجل ما كانت تفعله قيادة الدرك في هذا الشأن، مواكبة تنفيذ القرارات والتراخيص التي يصدرها وزير “التيار الوطني الحر” السابق.

وفي الختام، نصيحة لوجه الله إلى الوزير باسيل؛ أسلوبك في مخاطبة اللبنانيين قد يأتيك ببعض المصفقين من الأنصار، لكنه بالتأكيد يستدعي حالات من التذمر لدى قطاعات واسعة من الناس. هناك من يعتبر أنك صرت عبئا على العهد، وتضع رئاسة الجمهورية في مواجهة العديد من المكونات السياسية.

العهد ينجح بتضامن اللبنانيين وحماية الاستقرار السياسي والتكافل على اطلاق عجلة الانقاذ الاقتصادي والمالي، والتوقف عن لغة الاستقواء والتهديد والوعيد في الصالونات المقفلة وغير المقفلة.

العهد ينجح إذا لم تنزعوا عنه صفة “بي الكل” وحامي الكل والمسؤول عن كل اللبنانيين. شارك يا معالي الوزير إذا، في نجاح العهد.