المطالب محقّة ولا شكّ. السلطة مقصّرة بالطبع واللبنانيون فعلا ما عادوا يَحتملون أن تبقى حياتـُهم في آخر سلم أولويات السياسة اللبنانية.
هذه حقيقة؛ والحقيقة أيضاً أنّ “حزب الله”، بالتضامن والتكافل مع التيار الوطني الحر، هو من يُعطل انتخاب رئيس للجمهورية، عبر امتناع نوّاب الحزبين عن النزول الى مجلس النواب وهم من عطلوا عمل الحكومة، وبالطبع؛ فإنّ الأطراف الأخرى تتحمّل جانبها من المسؤولية، عمّا وصلت إليه الأوضاع، إهمالاً أو تقصيراً أو عجزاً.
لكنّ السؤال الكبير: من حاول بالامس ويحاول اليوم تحويل مشهد حضاري الى مشهدٍ دموي ومن أراد أن يحرق وسط بيروت؟ ومن دفع بعض المندسين لضرب القوى الأمنية؟ ومن كان قد جهّز في الجانب الأمني من يطلق النار على المتظاهرين؟ من ركّب السيناريو؟ ومن ركب المشهد؟
كثيرون لهم المصلحة في استثمار قرف اللبنانيين من السياسيين، هناك من يريد صورة سوداء في بيروت؛ وهناك من يريد حصّة في النفايات وغيرها؛ وهناك من يريد إسقاط النظام تمهيدا لمؤتمر تأسيسيّ.
لكنّ معظم الذين نزلوا إلى الشارع هم من الصادقين الصادقين، الموجوعين المقهورين، الجائعين بلا كهرباء، والمحرومين من حقوقهم.
وحده الرئيس تمام سلام، من بين أركان السلطة، من دعا الشباب إلى الحوار وتفهّمهم من دون أن يحاول استثمارهم كما فعل نواب التيار العوني ووزرائه مثلا. وسرّع موعد فضّ عروض شركات معالجة النفايات الى بعد ظهر غد وسط توقعات بتقريب موعد جلسة مجلس الوزراء إلى الثلاثاء أو الأربعاء.
الرئيس نبيه بري اتصل بالرئيس سلام داعما واعتبر ان الحل بجلسة للحكومة تتخذ فيها القرارات اللازمة وهو سيكون مؤيدا ولو بقي وحده كما اتصل ايضا بالنائب جنبلاط مشيرا الى ان الحل السريع يكون باعادة فتح مطمر الناعمة لفترة زمنية.
الرئيس سعد الحريري دعم سلام وميّز بين المطالب المحقّة وبين الدعوة إلى إسقاط الحكومة، آخر معقل شرعي، قائلا إنّ سقوطها يعني دخول لبنان في المجهول.
ودان الحريري الإفراط الأمني في مواجهة التظاهرات السلمية، منبهاً من محاولات استدراج البلاد الى الفوضى والمجهول.
الإفراط الأمني أوقفه وزير الداخلية نهاد المشنوق مساء أمس وفتح نهاراً تحقيقاً لمعرفة من أطلق النار ومن اعتدى زوراً على المتظاهرين وكلّف المفتش العام لقوى الأمن الداخلي العميد جوزيف كلاس إجراء التحقيق وتعهّد بمحاسبة كلّ من أطلق النار الحي أو المطاطي في مواجهة المتظاهرين.
وفي حين لفت النائب وليد جنبلاط إلى أنّ التحرك انحرف عن مساره الأساسي مع دخول بعض القوى السياسية ، رافضا إستغلاله لضرب الإستقرار طرح رئيس حزب “القوات” اللبنانية سمير جعجع خريطة طريق للخروج من الأزمة، تبدأ بـدعوة النواب للنزول الى مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية، وناشد الرئيس سلام عدم الاستقالة وطالبه بدعوة الحكومة الى اجتماع فوري واستثنائي يبحث بجمع النفايات وإيجاد حل للمشكلة والإشراف على التحقيقات الحاصلة لتبيان من أطلق النار على المتظاهرين.
من جهتهم قياديون في حملة “طلعت ريحتكم” اتهموا صراحة مندسّين من “حزب الله” والتيار الوطني بحرف التحرّك عن أهدافه.