واضح النفايات تضغط بشكل كبير على صدر المستقبل… ذلك أن كل البلد بات يعرف أن جذور القضية تعود إلى نظام الفساد الذي أرساه هذا الفريق منذ عقدين… أما اندلاع الكارثة الآن، فكان نتيجة صراع أجنحة المستقبل على فتات النفايات… غير أن مشكلة المستقبل صارت أخطر بعدما افتضحت كل أسرار القضية وسقطت كل المحرمات. صار مؤكدا مثلا أن سهيل بوجي مدد لشركة سوكلين في نيسان سنة 2010، أربع سنوات وستة أشهر… من دون علم وزراء الحريري حتى… أو أن شركة سليم دياب مثلا انتفعت بأكثر من مئة مليون دولار… ومن جهة ثانية ليس بسيطا أن ينتفض إقليم الخروب وعكار وعرسال في وجه نفايات المستقبل، وأن يرفضها أنصار التيار الأزرق نفسه.
هكذا راح المستقبل يفتش عن سبل للتنصل من مأزق أوساخه. حاول إلهاء الناس بحلول مزعومة من نوع تصدير الزبالة أو حرقها على بواخر… ففشل. حاول تاليا التغطية على مأزقه بالتهويل تارة باستقالة الحكومة وطورا باعتكافها، فبدا كمن يمارس الدلع السياسي.
أخيرا، وبعد فشل تلك الوسائل، يبدو أن المستقبل قرر التلطي خلف ستار المذهبية، لينجو من فضيحته الزبالية… في جلسة مجلس الوزراء أمس حاول أحدهم التحرش بحزب الله واستحضار 7 أيار. اليوم جاؤوا بخطابات دينية تنسج على اللازمة نفسها… وبين الاثنين حاولوا الإيحاء بأن أزمة المطامر هي أزمة مذهبية… كل ذلك كي ننسى أن هناك من نهب ثلاثة مليارت دولار وأكثر من شعبنا، ويحاول اليوم أن يخرج من المزبلة نظيفا وأن يترك البلد في الوسخ.
على طريقة تغطية القبوات بالسماوات، يحاول المستقبل تغطية النفايات بالمذهبيات… يبحث المستقبل عن كبش، أو عن ضحية، أو عن شهداء مذهبيين، ليغطي على مجزرة الوساخة فيما كل اللبنانيين يدركون أن الشهادة في مكان آخر. في المؤسسة الأكبر من الأفراد، والأقوى من الانتهاكات والأبقى من مشاريع التمديدات والشخصانيات… الشهادة للجيش، تماما كما تروي حياة صدقة شهادة زوجها وابنها… هي أسطورة بطلين وبطلة، نرويها بعد عشر ثوان.