IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الجمعة في 21/06/2019

دولة عظمى برأس مال قدره ” عشر دقائق “..فأميركا القرار والتوسع والحروب والسيطرة وابتزاز الدول بالمال، اكتشف رئيسها أنه يمتلك حسا إنسانيا، يجنبه ورطة الحرب منح إيران الأعذار وأعطاها التبريرات في إسقاط الطائرة الأميركية.

وضب عدة التراجع وانسحب من ضربة لم يقررها من الأساس. عشر دقائق أنقذت دونالد ترامب وأميركا والمنطقة وانتشلت الإدارة الأميركية من دراما الضربة التي صاغت لها سيناريو اتسم بالفشل.

وفي أقل من ربع ساعة كان توازن الرعب.. توازن القوة وتضارب المصالح.. وتوازن ” الدرون ” هو من يتحكم ويتخذ القرار فالخوف الأميركي الأول اندلع لدى اكتشاف جنرالات الحرب الأميركيين، أن سلاحهم عالي الدقة قد عطل بسلاح ايراني بدائي الصنع. فالطائرات المسيرة التي يستخدمها غالبا الحوثيون لا يصل سعرها الى ثلاث مئة دولار.

بضع مئات من الدولارات كانت قادرة على إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة “إيغل ” وثمنها مئة وعشرون مليون دولار وبتكلفة تشغيلية تصل إلى أربعة وعشرين ألف دولار في الساعة الواحدة، نسر أميركا في الجو الإيراني يصبح ذبابة مقطعة الأوصال وقد جرى عرض أجزاء منها اليوم عبر وسائل الإعلام الإيرانية لإثبات أن الطائرة اخترقت المجال الفارسي ومن هنا جاءت مخاوف الجنرالات الأميركيين على بضائعهم العسكرية وإمكان أن تواجه مصيرا يشبه مصير الميركافا الإسرائيلية الأميركية التي أقام لها جنوب لبنان مراسم عزاء ذات غزو. ومخاوف أميركا العسكرية تتعدى الطائرات المسيرة الى تلك الحافلة بالتقنيات إذ إن الفانتوم ستة عشر قد تسقط بصواريخ الأسعار الزهيدة لاسيما أن ال ” اس أربع مئة ” لم تتكلم بعد فيما صواريخ ” الاس ثلاث مئة ” أعطت الطائرات الإسرائيلية دروسا فوق سوريا ولبنان وأصبحت تل أبيب تعد لها ألف حساب. والحسابات الاميركية هنا جاءت عسكرية..ولن يقتنع عاقل بأن الرئيس دونالد ترامب قد أصابته ” جلطات “إنسانية مفاجئة.. وأنه تراءى له سقوط مئة وخمسين ضحية إذا ما ضرب إيران..فترامب لم يتخيل سوى: إهانة طائراته وارتفاع أسعار النفط التي كانت ستنعكس على حملته الانتخابية لأن شعبه لن يتحمل وصول النفط إلى أضعاف ما هو عليه اليوم.

والإنجاز الكبير ذو الفائدة على المنطقة أن الخليج اقتنع اليوم بوجود رئيس أميركي يستخدمهم رهينة .. يبتزهم بأموالهم للحماية , وعندما يحتاجون إلى المساعدة يتخلف عن التلبية وهو يدرك أن الحرب لو وقعت لكانت دول الخليج أول وآخر المتضررين وأن صيفهم الحار لن يقتصر على انقطاع الكهرباء وترامب الذي باع أهل الخليج اليوم سيفتح نفقا للمفاوضات مع إيران غدا لكنه يطيب الخواطر باتصالات تهدئة وآخرها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زاعما أنه بحث معه التهديد الذي يشكله النظام الإيراني في المنطقة .

هذه أميركا وهذه خياراتها: تخلفت عن حماية الخليج .. نسي رئيسها اليوم حربه على فنزويلا بعدما جيش الانقلاب فيها .. زرع الخوف من كوريا الشمالية الى أن صار ” كيم ” رفيقا وصديقا يحلم بزره النووي..رئيس يدير العالم على التويتر .. بتغريدة أشعل حربا وبتغريدة حذف الخيار. لكن خياره بالتراجع أصاب إسرائيل بالاحباط وهي التي كانت متأهبة على ” سن ورمح ” لصب النار على بحر البحر ..وقرار التراجع المدون أعلاه .. هو في حقيقته لم يكن يتضمن حربا من أساسه.. لكن ترامب باع خياره هذا وبات على العالم أن يشتريه.