دخلت قبرشمون موازنة ملحقة بأعمال اليوم الثاني من جلسات مجلس النواب المختصة بدرس الموازنة وإقرارها، فانصرف المعنيون بالحل الى مداولات جانبية في الغرف غير المغلقة، وتركوا امر الخطابات النيابية الى المشاهدين الذين اصابهم وحدهم بلاء المتابعة، انصراف السياسيين الى المعالجة الجانبية أعطى حلولا ستساهم اولا في تحرير الحكومة وفك اسرها ، لتنعقد الأسبوع المقبل بتأكيد من رئيسها سعد الحريري.
أما مضمون الحل فإنه يخضع لتنقيح ميداني في اجتماع بين الرئيس الحريري واللواء عباس ابراهيم ، يليه لقاء اخر في دارة خلدة بمشاركة أرسلان وجريصاتي واللواء ابراهيم, وعلى شواطئ الإمارة سوف يتضح ما إذا كان خط الجريمة سيسلك قضاء عدليا أم عسكريا وبانهماك الحريري شخصيا في أزمة الجبل كان النواب يتناوبون على هدم بنيان موازنته ويطلقون عليها النيران ويفتعلون بها ويمثلون بجثتها، لكن ما أدلى به النواب على مدى يومين وضع له النائب الان عون تعبيرا دقيقا عندما تحدث عن شيزوفرينيا سياسية، حيث لا يمكن أن يصوت فريق ممثل في الحكومة ضدها وإذا كان آلان عونيا جينيا وسياسيا، وتوصيفاته طبيعية فإن من غير الطبيعي بروز آراء نيابية متطرفة رجمت الحكومة وستصوت لها، وهي عجيبة ثامنة كان على النائب سامي الجميل إدراجها ضمن عجائب الموازنة السبع التي قدمها اليوم، وطرح الجميل “سندات سياسية” بالعملات الصعبة عندما قدم عرضا قضى بتأليف جبهة معارضة ودعا الزملاء الضد الى أن يفكوا تضامنهم مع الكتل، والوزراء الضد الى أن يستقيلوا من الحكومة، “ويلي مقتنع بالمعارضة يشرف لانو البلد رح يغرق زيادة”.
والازدواج الضريبي في السياسة التقطته النائبة بولا يعقوبيان فدعت من يريد التصويت ضد الموازنة وهو ممثل في الحكومة الى أن يستقيل من السلطة التنفيذية، إذ لا يجوز لأهل دولة أن يعارضوا في الجوهر وأن يبقوا على مقاعد السلطة وجزءا من القرار، والمعارض للموازنة داخل الحكومة هو مضلل للبنانيين الذين ما عادوا يفهمون من معهم ومن عليهم، وربما هذا ما تريدونه ومن خلال سير الخطابات بدا أن القوات اللبنانية أول المصابين بداء الانفصام، وهي احتارت بين قلب وعين، بين شارع وموقف، بين حكومة ومعارضة.
وبينما سبق لرئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع أن أعلن التصويت مع الموازنة لأنه من “دون تصويتنا تسقط”، كان نواب الكتلة يؤكدون تباعا مواقف بين “الضد” والامتناع وسواء القوات أم غيرها من الكتل الممثلة في الحكومة فإن الجميع يبيع مواقف لزوم تسجيلها في المحضر، لكن الرعية النيابية ستسير وفق رغبات راعيها، وبعد الفراغ من المداخلات التي قد يجري تمديدها الى يوم الجمعة سترتفع مطرقة الرئيس نبيه بري لتسوق النواب بندا بندا وفق لازمته الشهيرة “صدق” وبغياب التصويت الإلكتروني فإن التخلف سيكون سيد نفسه، وستضيع الأصوات بين معترض ومع وضد وممتنع وبالإجماع وستختلط الأصوات بعضها ببعض ثم يخرج النواب للتصويب على التصويت العشوائي وهذا يعكس نظام “اللويا جيرغا” وقبائل البشتون الافغانية التي تضرب اصواتها خبط عشواء.