فرضت إيران واقعا لم تألفه دول الطاعة للآمر الأميركي، فمنذ أن رفضت طهران الرد على هاتف رئيس الدولة العظمى دونالد ترامب ورفضت رسالته، وهي تقدم السيادة على العبادة، الديبلوماسية القوية على الرغم من حصار الجمهورية.
هي دولة الند للند التي لم يتوقع أحد أنها ستصمد أمام ولايات متحدة أميركية، وجماعات غير متحدة عربية واتحاد أوروبي، وفوقهم بريطانيا العظمى التي لعبت بمياه من نار فأحرقت هيبتها. وكل المذكورين آنفا يطلبون الوساطة، إلى أن تدخلت سلطنة عمان على خط أمن الخليج. فيما وجدت بريطانيا أن أكثر ما يمكن أن تفعله هو الشكوى إلى مجلس الأمن. والشكوى الأممية غالبا ما تكون بعد مذلة.
وجاء احتكام لندن إلى الأمم المتحدة، بعدما تخلى عنها ترامب في الليلة نفسها التي قررت فيها طهران اختطاف ناقلة نفط بريطانية. وعلى توقيت غرينتش، أعلن الرئيس الأميركي استعداده للتفاوض مع طهران بلا شروط. وسمح لمفاوضه راند بول بالتحرش ديبلوماسيا بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك، استعدادا لفتح صفحة حوار جديدة. كل هذا وإيران لم يرف لها جفن، بل رف علم، وهي رفعت رايتها على السفينة البريطانية المحتجزة، منتزعة العلم البريطاني عنها.
لكن طهران الماهرة في حياكة الأسباب، لا تزال حتى اليوم تعلن أنها أوقفت السفينة stena impero لخرقها القانون الدولي واصطدامها بسفينة صيد إيرانية عند مضيق هرمز، وهو ما خالفه الرئيس التنفيذي لغرفة الشحن في المملكة المتحدة، والذي أعلن أن السيدة حرمه كانت في المياه الإقليمية لسلطنة عمان.
وإيران، وعلى “بندر عباس.. ماشية وشاغلة الناس”، حيث أصبح شعارها: ممنوع الوقوف. فيما سارعت السعودية إلى الإفراج عن سفينة إيرانية كانت قد احتجزتها، منعا لتكرار المشهد. وأدى هذا الإفراج إلى انفراج بالسلام، وتوجيه شكر من طهران إلى الرياض.
والسلام العابر للسفن سيكون هو الأجدى وقعا من كل ما يجري في حرب الناقلات، وسيوفر على خمس وستين دولة الاجتماع في البحرين، لتأمين بحر الخليج من غضب ايران. والبحر الهادئ كان هادئا بمضائقه من باب المندب إلى هرمز، إلى حين قررت أميركا العربدة في المياه، بعدما هزمت على اليابسة وفشل مشروع “صفقة القرن”، وانتهى حلم جون بولتون بجر المنطقة إلى حروب، وهو ما عبر عنه جواد ظريف اليوم على طريقته عندما قال: “بعدما أخفق بولتون في استدراج دونالد ترامب للدخول في حرب القرن، وخوفا من انهيار فريقه، ها هو يحول سمومه نحو بريطانيا، على أمل جرها إلى المستنقع”.
وفي مضيق لبنان، فإن السفينة الحكومية لاتزال عالقة عند منعطف قبرشمون. وعلمت “الجديد” أن لقاء جمع الوزير صالح الغريب اليوم بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي اجتمع بدوره بكل من الرئيس نبيه بري والأمير طلال أرسلان.