“في مسجد محمد الأمين ألقى الشيخ سعد الدين الحريري خطبة الحج والناس راجعة.
وفي مولد لحجاج بيت الله الحرام طالب الحريري أهل بيروت بالدعاء للبنان للخروج من أزماته وتقديم الشكر للمملكة السعودية، لأنها أعطت مكرمة الحج لأهالي بيروت وكل أهاليلبنان الذين استفادوا من هذه المكرمة.
ومن عظة الحج رمى الحريري الجمرات الصغرى على أهل الوفا، فسأل أين الصدق والوفاء في هذه الأيام؟…
وأضاف: علي أن أقوم بجهد كبير ولكن، يد واحدة لا تصفق. في هذا البلد يجب أن نعيش معا وأن نضع يدنا بيد بعضنا البعض.
وأما الجمرات الكبرى فرجم بها من يتساءل: لماذا الحوار مع هذا أو ذاك؟. وذكرهم بأن رفيق الحريري عمل مع الجميع، مع من ساعده وأكثر مع من أتعبه، ليقوم بالبلد. وأنا أقوم بالأمر نفسه، ولكن المشكلة أن ثمة من يريد أن يقرر عن الجميع.
سدد الحريري فأصاب عصفورين بحجر واحد ولكن، تسديد الخطى للنهوض بالبلد وأزماته لا يكون بالتسبيح بحمد المسؤولين، والأوطان لا تبنى بالدعاء لهم لا عليهم، والمؤسسات لا تقوم بالتراضي في الصفقات…
وإذا كان الحق يقال، فسعد رفيق الحريري اتخذ موقفا مشرفا عندما تعلق الأمر بالدفاع عن سيادة لبنان، وإبلاغ الداخل والخارج أن من حقنا الدفاع عن أنفسنا، فإن الحريري يحمل إرثا ثقيلا وتركة من فساد على مر الحكومات المتعاقبة بعد الطائف وما الأزمة الاقتصادية وتصنيف المؤسسات الائتمانية للبنان في خانة الـ (سي سي سي)، إلا عينة من إرث تلك السياسات المالية.
وما وصلت إليه البلاد في الاقتصاد ينعكس على التوظيفات في الإدارات، وعلى حماية الأزلام من المحاسبة، وعلى كف يد القضاء بكفوف سياسية وعلى اقتسام المغانم كقالب الجبنة ويصبح موظف بكنية جمال فوق المساءلة، ويوضع لبنان في علبة بريد خاصة تحت مسمى (ليبان بوست) استأثرت ببريد البلد وبرقه عشرين عاما، ومدد لها اليوم ثمانية أشهر لتسوية دفتر شروط قبل مناقصة سترسو حتما على بر من يديرها حاليا.
حال البلد وما وصل إليه، يجعل المواطنين يدعون على المسؤولين لا لهم كما طلب الحريري. وخروج لبنان من أزمته لا يكون بتغيير طريقة العمل فحسب، بل بالعمل بصدق ووفاء لاسترجاع مال الدولة المنهوب، وسد مزاريب الإهدار، وإقفال باب المؤسسات أمام التوظيفات العشوائية لغايات انتخابية، وتعيين الناجحين بكفاياتهم لا بواسطة هذا الزعيم أو ذاك.
ومزيد من فضائح العصفورية اللبنانية تتكشف من مستشفى الفنار، ودور رئيس غرفة التجارة والصناعة في صيدا والجنوب محمد صالح، الذي أوصله رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى موقعه عندما هندس انتخابات الغرفة عام ألفين وعشرة، وللحديث تتمة في سياق النشرة.
صدق الحريري في قوله: المواطن يفتقد العيش بكرامة وعلى حد قول جورج أورويل: (السياسيون في العالم كالقرود في الغابة، إذا تشاجروا أفسدوا الزرع، وإذا تصالحوا أكلوا المحصول).
وفي لبنان المواطن هو من يأكل الضرب”.