IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”الجديد” المسائية ليوم الثلثاء في 29/10/2019

من إقالة على أبواب البيت الأبيض إلى استقالة جبرية مخطوفة في الرياض، واليوم يغادر سعد الحريري الحكومة بإرادة الشعب الأقوى من كل المعادلات الإقليمية والدولية، وضع الحريري ورقة الاستقالة في عهدة رئيس الجمهورية الذي ما عليه قانونا سوى قبولها، لكنه استمهل الإجراءات المرافقة وإصدار المراسيم الى حين فتح الطرقات.

استقال الحريري لكن لا غنى عن سعد، وإذا ما دعا رئيس الجمهورية في الساعات المقبلة إلى استشارات نيابية ملزمة فإن المستقيل سيعاد تكليفه وبرضى الأطراف المؤسسة للحكومات، لأن أي طرف لن يكون مستعدا لتحمل تعبات إخراجه من السرايا، وسيتراءى لحزب الله وحركة أمل وبقية المكونات مشهد اصطف فيه رؤساء الحكومات السابقون: نجيب ميقاتي تمام سلام وفؤاد السنيورة، معلنين بيانا مشتركا يثني على الخيار ويقول شكلا: نحن هنا.

وفيما قدم الحريري ما سماه الصدمة كان التيار الوطني أكثر المصدومين لكون الاستقالة لم تنسق مسبقا مع الوزير جبران باسيل، في وقت رأى فيه وزير الدفاع الياس بوصعب أن الاستقالة خطأ وخطوة في المجهول في هذا الظرف الدقيق، وهي استقالة بررها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لأن الحريري كان قد وصل إلى أفق مسدود لكن جنبلاط قال إن إسقاط السلطة أمر مستحيل وإن التفكير في عزل حزب الله غباء.

وخطوة الحريري على جبهة القوات كانت أمرا مرحبا به، حيث رسم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المرحلة التالية وحددها بتأليف حكومة جديدة من اختصاصيين مشهود لهم بنظافة الكف والاستقامة والنجاح، والأهم أن يكونوا اختصاصيين مستقلين تماما عن القوى السياسية، أعطى جعجع مواصفات وتمهل رئيس الجمهورية وصمت حزب الله وصدم التيار وفتح الحريري ديوانية لاستقبال الداعمين وفي طليعتهم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، غير أن الحصانة الأفعل لسعد الحريري هي الناس الذين استقال تلبية لصوتهم وسيعود بصوتهم إذا ما تحصن بهم، فبقاء الشعب في الشارع سيشكل ذريعة للحريري للضغط على السياسيين والإتيان بحكومة الأوادم أصحاب الكف النظيفة.

هذه المقادير السياسية لن تنطبق على وزراء رفضهم الشعب وتظاهر ضدهم فـ”بأي عين” سيعود الحريري لطرح اسمين متفجرين، هما محمد شقير وجمال الجراح؟ وهل من مقامر في تسمية جبران باسيل؟ وإذا طار باسيل ماذا عن وزير المال علي حسن خليل أو الأشغال يوسف فنيانوس؟ فلم يعد لرئيس السلطة الحاكمة أن يستمر في قهر الناس وتسمية شخصيات عليها مئة ألف علامة استفهام مع علامة تعجب هي حكومة نظيفة وأيضا محتم عليها أن تكون سريعة إلا إذا واجهها تنكيل من النظام نفسه كحال غزوات اليوم من الرينغ الى ساحة الشهداء، حيث لم يتردد مناصرو أمل وحزب الله في ضرب تظاهر سلمي بصمت مبارك من المرجعيات الحزبية المختصة، تنكيل وهجوم وتكسير وإزالة خيم وفوضى وجرحى وتفلت على مرأى القوى الأمنية ثلاثة عشر يوما من التظاهر السلمي خربته في ساعات مجموعات تناصر أمل وحزب الله، وذلك على صورة وصفتها وكالة رويترز العالمية بالغوغائية، وبعد ذلك يخرج الرئيس نبيه بري ليتلو تعويذة التهدئة والحوار بين المكونات اللبنانية، فيما مؤيدوه يمارسون كل انواع العنف ويفرغون غضبهم من “فج وغميق” على متظاهرين لا يملكون سوى صوت وخيمة.