سجلت الأرصاد السياسية وقوع هزات مصدرها “الجمهورية القوية” و”التيار القوي”، وألحقت بترددات على فالق الحكومة الواقعة عند مفارق أيلول، بحسب ريختر بعبدا. وقد أدى الاشتباك السياسي إلى سيولة في البيانات من رأس “التيار القوي” الى أخمص نوابه، حيث تداعوا إلى التصريح بالجملة، فأحدثوا “المفرق”، وجاء أكثر الردود سلخا من الوزير جبران باسيل الذي رد على رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع، قائلا: هذا هو الانتحار السياسي الفردي والجماعي، أن يضرب الإنسان نفسه وأخاه وجماعته من أجل كسب سياسي وزاري ولحظة سياسية عابرة، فيتنازل عن الصلاحية والعرف والاتفاق، ويسمي هذا دعما للعهد.
واشتعلت من بعد ذلك الردود على نار “تويتر”، حيث انهال المغردون من فئة أصحاب السعادة للدفاع عن موقع وصلاحيات وحصة رئيس الجمهورية، ليس ترفا مرحليا بل لصالح الأجيال من العهود المقبلة، وعدم السماح بالتنازل عن حق رئيس جمهورية البلاد.. وللتاريخ.
وفي الطريق إلى الدفاع عن حق الحصة الوزارية للرئيس، تحطم تمثال تفاهم معراب ووري في الثرى، وشكك نواب “التيار” في وصول جعجع إلى الرئاسة لاحقا، وأخضعوه لجملته الشهيرة مع تعديل في بنيانها قائلين “صار بدا توعوا”.
وعي معراب جاء ليثبت مواقفها، فعقدت كتلة “الجمهورية القوية” اجتماعها على تأكيد أنها ليست الطرف المعرقل، وأكدت أن الكرة في ملعب من يحاول تحجيم “القوات” ويتحمل أمام اللبنانيين مسؤولية التأخير الحاصل في التأليف. لكن الكتلة تركت كلام جعجع على حاله. فلم تعدل عليه ولم تكرر أقواله وهو الذي كان قد نزع عن الرئيس أي حصة بالأمس، قائلا إن تكتل “لبنان القوي” هو تكتل العهد، وبالتالي لا يجوز احتساب حصة الرئيس إلا من ضمنه.
واللافت أن رئيس “حزب القوات” دعم العهد في كلام مرسوم من الخارج، لكنه “بطنه” بوابل من التشكيك والألغاز والألغام معا. فهو مع إنجاح العهد إنما هذا يتطلب أن يكون العهد عهدا والحزب حزبا. والرئيس يجب أن يرانا كلنا بالعين نفسها، هو مع رئيس الجمهورية لكن الرئيس بالنسبة إلينا هو ميشال عون ولا يمكن أن يحيلنا إلى أحد مكانه، وسمير جعجع لا يسير في أي طرح لمجابهة العهد، لكن هناك تلاقي مصالح في ملف تأليف الحكومة مع أفرقاء آخرين.
جعجع يدعم تطلعات الرئيس، لكن لا تعليق حول ما إذا كان عون يتصرف على أساس أنه رئيس الدولة أم رئيس “التيار الوطني الحر”، وسيد معراب ضنين على التفاهم. إنما هذا التفاهم الذي أسس للرئاسة، أصبح يذكر ميشال عون بأن سليمان فرنجية كان على أبواب بعبدا، وتلقى التهاني من الرئيس الفرنسي، وكاد يبلغ القصر لولا ضربة معلم حكيم.
ومما تقدم، فلا تفاهم ولا من يتفاهمون. ولا الحكومة مشرقة في أيلول الثاني أو الثالث. وكل ما في اليد هي حيلة واحدة لدى الرئاسة تتلخص في استخدام حقه الدستوري ومخاطبة مجلس النواب. لكن المجلس غالبا ما “يبل” الرسائل ويشرب مياهها. وعلى الحكومات السلام.