IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 25/01/2020

في مئوية الثورة أعطى المتظاهرون حكومة حسان دياب “لا ثقة”، ومشوا في مسيرات “لن ندفع الثمن”، وطافوا بين ثكنة الحلو وجمعية المصارف وساحة ساسين ووزارة الداخلية وغيرها من النقاط، ليتجمع عدد منهم في نهاية المطاف أمام السرايا الحكومية حيث كانت المواجهة بخراطيم المياه مع قوى الأمن، التي طلبت انسحاب المتظاهرين السلميين بعد تلمسها بدء ما سمته أعمال شغب.

وتبلل البيان الوزاري عن بعد بخراطيم السرايا، حيث اجتمعت اللجنة المختصة برئاسة دياب، وحضور المدير العام لوزارة المال الان بيفاني الذي قدم شرحا عن واقع البلاد المالي. لكن المتظاهرين الذين اغتسلوا بمياه حكومية، أمكنهم إزالة جزء من البوابات الحديدية الموضوعة إلى جانب الجدران الأسمنتية. ووسط هذه الأجواء ومع جدار برلين الحكومي والنيابي، سجل دياب انعقاد أول جلسة اسمنتية في انتظار خروجها ببيان غير قابل للعزل، تطلب فيه الثقة من مجلس النواب.

والثقة بشقها الدولي، بات واضحا أنها معقودة على شرط الاصلاح، وهو ما ترجمه عمليا مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر، الذي أعلن أن الولايات المتحدة ستتابع عن كثب مدى التزام الحكومة اللبنانية الجديدة بمحاربة الفساد وإخراج لبنان من أزمته المالية. فيما كانت الأمم المتحدة أكثر وضوحا في كلام ممثل الأمين العام في لبنان يان كوبيتش الذي قال: إن على الحكومة أن تطبق حزمة إصلاحات جادة، وأن تنأى عن ممارسات الفساد السابقة. وفي ذلك إشارة واضحة إلى إدانة الأمم المتحدة ممارسات الفساد في الحكومة البائدة.

واليوم، فإن الغرب ينتظر خطة مقنعة من حكومة وصفت بأنها مقنعة، لكن ما سيساعد حكومة حسان دياب هو تنامي الفريق المعارض هذه المرة، فمنذ التسعينيات وعلى زمن معارضات شرسة لعهد ترويكا “الهرواي، بري والحريري الأب” التي مثلها نمور نيابيون تغييريون، غابت المعارضة عن المجلس النيابي عهودا، واقتصرت في المجلس الحالي على كل من: سامي الجميل، بولا يعقوبيان وجميل السيد. اختلف الوضع اليوم، والمعارضة للمرة الأولى منذ الطائف تشكل النصف زائدا واحدا، وقوامها كتل كبيرة بينها “المستقبل” و”الاشتراكي” و”القوات” ومستقلون.

وفي ظاهرة ديمقراطية فريدة، ستصبح المعارضة والموالاة تحت سقف برلماني واحد، النصف بالنصف والند للند، ما يسمح بوجود محاسبة حقيقية هذه المرة، وممانعة لإهدار القوانين والتشريعات. لكن هذا الأمر يبقى مشروطا بالتصويت الإلكتروني، حيث لا يزال العمل التشريعي يعمل بنظام “صدق” المتخلف، الذي يبقيه رئيس مجلس النواب نبيه بري في قبضته لضياع وتذويب الأصوات، ولكي يخرج النواب تائهين لا يعرفون على ماذا صوتوا، ولا يكتشف ناخبوهم بالتالي وجهة أصواتهم. وإذا اكتمل شرط التصويت الإلكتروني، فإن نصف مجلس النواب المعارض سيكون مطلبا للثورة، وعندئذ تبدأ الممارسة الديمقراطية غير القابلة للصرف في الأسواق السياسية غب الطلب.

وربطا بسعر الصرف، فإن عصابة الصرافيين تبدو على راحتها في وجود سوقين وسعرين للدولار. وعلمت “الجديد” أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، سوف يستدعي الثلاثاء مجموعة من العاملين في قطاع الصيرفة لإعادة ضبط السوق. لكن إذا كان سلامة يتعامل مع قطاع صيرفي شرعي ومرخص، فإن هناك أكثر من ثلاثمئة صيرفي يعملون من غير ترخيص بالمضاربات والسوق السوداء، وهؤلاء تقع مسؤوليتهم على الدولة، من وزارة الاقتصاد إلى الداخلية فالقضاء الذي وجب عليه إيقافهم وضبطهم متلبسين بالاستغلال والجشع.