لم تعد المشكلة في بلد المنشأ فالكرة الأرضية وقتت دورانها على فيروس قطع أوصالها وأنفاسها وينتشر في الدول المترامية عليها انتشار النار في الهشيم فدقت منظمة الصحة العالمية ناقوس خطر توقف عند الاحتمال الذي لم يصل بعد إلى درجة وباء عالمي، لكن تهيأوا.
وعلى هدير الطائرة التي حملت حالة الكورونا من إيران إلى لبنان، شدت خلية الأزمة الأحزمة ومنعت السفر بين لبنان والصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا والجمهورية الإسلامية، وأصدرت كتيب إرشادات وتعليمات على شكل بيان مسبوق بإعلان وزير الصحة من بعبدا الاستعداد لفتح المنتجعات والمدن الكشفية لاستقبال الوافدين المشكوك في حرارتهم.
ولوهلة ظن البعض أن حمد حسن يتحدث عن ووهان لا عن لبنان وقد يستدرك ويستبدل المنتجعات والمدن الكشفية بالمدارس الرسمية النائية والمعزولة عن الدولة التي تفتقر الى أدنى مقومات النظافة والوقاية والحماية ورب ضارة تكون نافعة.
وفي موازاة وباء القرن، حمى الكهرباء لطشت ميزانية الدولة بمليارات من هدر على مدى ثلاثة عقود، عجزت خلالها مختبرات الحكومات المتعاقبة عن إيجاد لقاح فعال، واكتفت بطاقة البواخر الموقتة واستيلاد الكهرباء من رياح لا تهب إلا لتصفية الحسابات.
كما جرى اليوم حيث علق الاشتراكي على التيار وأدى المس السياسي إلى اشتعال سجال جاء تتمة لإشكال المصرف. أجاد التقدمي في توصيف أزمة الكهرباء بمباركة من كتلة التنمية والتحرير عبر مشاركة النائب أنور الخليل في المؤتمر الصحافي، لكن لماذا حصر المعركة بالكهرباء على أحقيتها؟
فالاشتراكي كان شريك كل القرارت كالجميع في مجلسي النواب والوزراء ونال حصته كغيره من الكهرباء والنفايات ومن الصفقات والتلزيمات والتوظيفات وهدر المال العام حتى وصلت الدولة إلى ما وصلت إليه من هريان مطابق لمواصفات من تولوا ويتولون الحكم.
ومن هذا الهريان انطلقت انتفاضة تشرين التي أسقط عنها الرئيس نبيه بري اسم الثورة وحذر من الوصول إلى ثورة جياع باتت كل ظروفها وشروطها مختمرة لكنها فعلا ثورة جياع وكادت تمتد ليل أمس إلى البيئة الحاضنة لولا تدخل بري نفسه لدى الأفران لفتح أبوابها خوفا من اندلاع الشرارة لدى جمهور نأت به السياسة عن هم المعيشة.
إنها فعلا ثورة الجياع بعدما أكل الجراد السياسي أخضر الدولة ويابسها وخرج الشعب إلى الشارع بعدما حولت مافيا الحكم الدولة إلى شركات عائلية قابضة على الأموال العامة بنت القصور، وراكمت الثروات، وتملكت العقارات باسم الأولاد والزوجات، ووظفت الأزلام والمحسوبين، وأفقرت غالبية الشعب اللبناني، وألقت بالآلاف من أصحاب الكفاءات في سوق البطالة وعلى أبواب السفارات.
إنها ثورة الجياع عليكم فلا تتعجبوا ممن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا
سيفه لأن السيف في السابع عشر من تشرين خرج من غمده وآتيكم أعظم.