على مرسوم المراسيم وقفت بلاد هي في الأساس معلقة على عقد التأليف، ولو ألقى المسؤولون نظرة افتراضية على واقع الرعية، لرأوا فخر صناعة أياديهم وعاينوا بالعين المجردة كيف يعرض اللبنانيون جنسيتهم في مزاد البيع المجاني وفوقها حبة مسك. وافدون من أقطار عربية حظيوا بشرف الانتقاء، سجلت أسماؤهم في لائحة الشرف فرشوا ثرواتهم الخيالية على سماسرة الجنسية في قانون خارج على القانون من حيث المعايير، فصل على مقاس المنتفعين، فتح باب هدر جديد لأموال ستدور حول الخزينة ولن تصب فيها.
كل دول العالم تمنح الحق لمن يستحق جنسيتها وبالمرقوم من المال، وفقط في لبنان فإن أصحاب الحق محرومون منها والمرأة اللبنانية على “راس الليستة” بعد أن تحول صراخها لمنح الجنسية لزوجها الأجنبي أو أولادها إلى صرخة في برية. دخلت الجنسية اللبنانية إذا سوق الاستيراد بعد أن تحولت دولتنا إلى وكالة دولية لتصدير مواطنيها إلى بلاد الله الواسعة وتحول مرسوم التجنيس مادة تجاذب جديدة بين السياسيين، افتتح السجال ثلاثية القوات الاشتراكي والكتائبي وطالب النائب سامي الجميل من بعبدا تزويده بنسخة عن المرسوم فجاءه الرد ببيان صدر عن رئاسة الجمهورية: “طلبك مش عنا” بل في وزارة الداخلية أي عند الجهة المنفذة.
ولما علت الصرخة أكثر باح الرئيس الموقع بسره، فأكد ما كان مجرد شائعة وأحال المعترضين على الامن العام وتقديم معلوماتهم للتثبت، وإذا كان حابل التجنيس اختلط بنابل الأسماء المحظية، فإن معايير هذا المرسوم بقيت سرية وما خرج إلى العلن وتم التماسه بالوجه الشرعي هو سعي وزير الخارجية وليد المعلم لتبديد قلق نظيره جبران باسيل خصوصا في القانون رقم عشرة ومسألة توطين النازحين، ففي مؤتمر صحافي كان بمثابة خلاصة لثمانية أعوام من عمر الأزمة السورية وما مر عليها من حلفاء وخصوم وما افرزته من ملف شائك بمستوى ملف النازحين، فإن المعلم قال في هذا المقام إن موضوع النازحين في لبنان كان موضع شد ورخيي، الانتخابات وكل زعيم في لبنان أسهم بدوره في هذا الموضوع، ونحن نقول لا داعي للقلق وغدا سأرسل الجواب للسيد باسيل أزيل فيه نقاط قلقه من القانون رقم عشرة فلا داعي للقلق، وبضربة غير معلم غمز وزير الخارجية السوري من قناة رغيف الخبز والكهرباء اللذين لم ينقطعا طيلة الأزمة ليقول لا يوجد في معظم شوارعنا “زبايل” مثل جيراننا، وفات وزير الخارجية أن لبنان من أكثر البلدان التي ترزح تحت عبء النزوح ومتطلباته. ولوضع الأمور في نصابها فإن معالجة هذا الملف ليس بمعجزة ولا يحتاج إلى فك شيفرة وآليته من السهولة بمكان حيث أصبح واجب الدولة الشرعي أن تنسق مع الحكومة السورية مباشرة عبر الوزراء المعنيين أم بالواسطة، وما عاد الأمر يحتمل دفن الرأس في الرمال بعد البريد السريع الذي وصلنا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكشف عن تحييد لبنان عن خطر محدق أهون شريه كان سيأتي إما من المخيمات وإما من الذين اتخذوا من النازحين دروعا إرهابية.