أفرجت وزارة الداخلية عن ساعة واحدة من نظام التعبئة، لكنها أبقت على إجراءات التشدد، إلى حين رفع حالة الطوارئ الصحية، والتي لا يبدو أنها في متناول أيار. لكن ذلك لا يمنع أن لبنان، وبشهادة منظمة الصحة العالمية وجامعة “جون هوبكنز”، قد امتاز بالسيطرة على وباء كوفيد 19.
وعلى الرغم من تسجيل خمس إصابات من عائلة واحدة اليوم، فإن حصر الوباء يوازيه انتشار التظاهرات والتجمعات، وتحديدا بين طرابلس وعكار وبيروت. وآخر التجمعات كانت هذا المساء، فجالت في محيط منزل رئيس الحكومة حسان دياب، ووصلت طلائعها إلى قناة “الجديد”، على موجة من الهتافات التي نادت بسقوط دياب وأرادت ايصال صوتها من هنا.
وسواء أكانت هذه التظاهرات قد تحركت على زمن عودة الرئيس سعد الحريري أم قبله، فإن الكورونا وحدها حمت الطبقة السياسية كلها، ومنحتها حصانة من السقوط. فما خلا المعالجات الصحية، فإن الناس استيقظت لتجد نفسها “عالحديدة”، المصارف ابتعلت أموالها، الحكومة منهمكة في الرد على معارضيها، ومجلس النواب سيشرع في جلسة الأونيسكو للمحميات الطبيعية.
ولو كان الزمن زمن تشرين، لما وجدنا سياسيا واحدا جالسا على كرسيه، ولاقتلعت الثورة جذوع هؤلاء بمن سبقهم ولحقهم، سواء أولئك العارفين بانهيار الدولة أو الذين لم يعلموا وظلوا غافلين. والمواطن المسروق اليوم لن يحمي المغفلين.
التجمعات والاختلاط الاجتماعي خطأ صحي، التظاهرات بدورها قد تنقل الخطر بين الناس. لكن ماذا نقول للجائعين؟، للذين فقدوا وظائفهم في غفلة عين قبل الكورونا وبعدها؟. أي جواب شاف قدمته الحكومة إلى من ضيعت المصارف أموالهم؟، وأي تشريع تنشده جلسة الثلاثاء النيابية إذا كان لن يحاسب فاسدا ولن يجلب مالا منهوبا؟. وعلى حد توصيف النائب جميل السيد: لا تنقصنا النصوص ينقصنا بشر يحاسبون اللصوص!
وإذا كان النواب سوف يتساجلون الثلاثاء على جنس القوانين المصرفية، فإنهم سينقسمون أيضا على قانون العفو العام، والمقدم من النائبة بهية الحريري. وهذا الاقتراح يؤكد النائب آلان عون ل”الجديد” أنه سيضع خطا أحمر تحت الجرائم المتعلقة بالإرهاب والجرائم الواقعة على الجيش اللبناني. وتحدث نائب “التيار” عن عفو ضمن ضوابط، لكن هل هذا ما تنشده نائبة صيدا ومحيط عبرا؟. والعفو عند المقدرة، لا بل عند قدرة مجلس النواب على تجاوز مئات الأصوات من أهالي المساجين الإسلاميين الذين يطالبون بمحاكمات سريعة أو بشمولهم بالعفو.