على مسرح الأونسكو كان اللعب اليوم ع المكشوف في صفوف المتفرجين، تبادل النواب الأدوار وعلى الخشبة لاعب كل الأزمان التشريعية وحده لا بديل له قاد الرعية النيابية بمطرقة العزف المنفرد على القانون ،أسقط هذا وسحب عجلة ذاك وعندما تجرأ رئيس الحكومة حسان دياب وطلب تحديد جلسة مسائية لإقرار مشروع قانون المليار ومئتي مليون ليرة حماية للأمن الاجتماعي، ولسد جوع الفقراء كان رد رئيس مجلس النواب نبيه بري: “لا إنت ولا غيرك بيفرض عليي شو أعمل” مسدلا الستار على المهزلة التشريعية .
تغير المكان من ساحة النجمة إلى قصر الأونسكو لكن سياسة الأرانب المعجلة والخنافس المكررة تماشيا مع الوباء لم تتغير، وذهنية الحاكم بأمره ماركة مسجلة لأستاذ في علم تشريع القوانين على مشرحة ثلاثين عاما من إمرار الصفقات من “العب للجيبة” ومعه حلفاء المراحل الذين أطاحوا التعيينات وأبعدوا عنهم اليوم كأسا مرة للمحاسبة وأسقطوا اقتراحا قدمه النائب حسن فضل الله كان يقضي بمحاكمة الوزراء المشبته فيهم والمتورطين بالفساد .
ولم يجد نائب حزب الله يدا نيابية ترفع تأييدا لمساءلة هؤلاء أمام القضاء العادي وبذلك قدم مجلس النواب مرة أخرى غطاء من الحماية لمرتكبين يدفع اللبنانيون ثمن أفعالهم إلى اليوم .
وبالتراضي جرى تطيير نصاب الجلسة وطارت أموال خطة التحفيز والأمان الاجتماعي التي كانت ستصرف في قنواتها الصحيحة لا في مجاري الصرف الزبائني والمحسوبيات .
خطة أعدتها نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر مع عدد من الوزراء لمساعدة أكثر العائلات فقرا بمبالغ مالية ومساعدات عينية إضافة إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمزارعين والحرفيين وتمويل المواد الخام للمؤسسات الصناعية .
مليار ومئتا مليون حرمها مجلس النواب عائلات تسبب في فقرها السياسيون أنفسهم .. أقفلوا عليهم باب الرزق من دولتهم حتى تبقى الأحزاب والمرجعيات السياسية هي المعيل الوحيد إذا وجدت الإعالة .
والجلسة التي تحصنت بتشريع ضروري أسقطت إحدى أهم الضرورات وأكثرها حاجة لدى الناس في زمن تم فيه تشليح المواطن اللقمة من فمه وحورب بعملته ووظيفته وصحته .
ومن ساهم اليوم في ارتكاب نسف خطة إسعاف الفقير هو مجرم وإن تغطى بحصانات العالم كله. فهؤلاء المرتزقة من النواب أقفلوا باب التشريع وغادروا من دون أن يلتفتوا الى عائلات لا أبواب لديها تغلقها على نفسها ليلا . أنتم وبلغة شعب محقون : ارتكبتم معصية اليوم . ومشرعون ” ع السكين ” وحفنة ليست مسؤولة إلا عن ما يغلفها بالحصانة وإبعادها عن الشبهات ..
واذا كانت وزيرة الدفاع زينة عكر قد ردت بأسلوب احتفظ بدبلوماسيته وهدوئه قائلة لمجلس النواب : انتم أضعتم الفرصة على اللبنانينن .. فإن الجديد ليس في ” فمها ماء ” وبعبارة غير دبلوماسية نقول لكم : أنتم أولاد سوء ومن تركيبة الحرام والحرامية على حد سواء .
وعلى أعتاب أزمة تهدد بانفجار اجتماعي سقط الاقتراح الرامي الى حظر صور الزعماء والمسؤولين في الاماكن العامة وعليه فإن المواطن الذي سيفتقد صور الزعيم على الشاشات سيصبح ويمسي عليها على الطرقات .
في عصفورية التشريع برزت أحلاف وفرزت تحالفات فصوتت القوات مع حزب الله على مشروع قانون رفع الحصانة عن الوزراء ومحاكمتهم أمام القضاء العدلي وعدم حصر محاكمتهم بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أما التيار الوطني الحر فصوت بإصبع يتيم رفعه النائب آلان عون وغرد خارج سرب تيار لطالما نشد الإصلاح والتغيير فاتضح أن شعاره في مكافحة الفساد فضفاض عليه .
نهاية الجلسة كانت البداية وفيها رفع بري ساترا ترابيا بينه وبين دياب رئيس الحكومة ترك الرد لما بعد جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل ورئاسة مجلس النواب تلت محضر بري عبر الإعلام : يجب على الحكومة أن تتعلم كيفية إرسال مشاريع القوانين إلى مجلس النواب قبل التطاول عليه، والأمانة العامة لمجلس النواب التي تبرق وترعد في رسائل التهديد الى الحكومة.
هل بدورها تتعلم كيفية حفظ حقوق الناس؟ وعدم سرقة قوانينهم وخطط عوزهم ؟ فالمجلس الذي كان سيد نفسه اليوم تطاول على الشعب الذي هو مصدر السلطات.