مال الدولة للدولة وما لقيصر مسحوب من جيوب الناس، الشارع استنفر جياعه وغافل الكورونا بعدما وجد أنها ارحم من غلاء فاحش وليرة بلا قيمة ودولار “فاتح على حسابو”، أولياء الأزمة على مر العقود جلسوا في صفوف المعارضين وتوزعوا مهمات التعطيل، اجتماعات في الغرف المغلقة واستثمار في وجع المواطنين قطعا للطريق أمام ما وعدت به حكومة حسان دياب.
لكن حكومة مواجهة التحديات تقف غدا في مواجهة نفسها وتتحدى العوائق السياسية المرفوعة ضدها، وتجتمع في السرايا لإقرار الصيغ النهائية المتعلقة بحسابات أجريت، منها تحويلات مالية واتخاذ إجراءات بحق صاحبها واسترداد تحاويل إلى الخارج جرت بعد انتفاضة السابع عشر من تشرين، واتخاذ تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة المال المنهوب، واستكمال البحث في الصيغة النهائية لخطة الحكومة الإصلاحية، كلها عناوين جعلت من منظومة الثلاثين عاما تشحذ سكاكينها للطعن في كل من يتجرأ على مس مكتسباتها المسروقة من تعب الناس ووجعهم.
بوادر التحدي بدأت وبدأ الضرب من تحت الحزام فبمفعول رجعي عن زمن تلزيم الخلوي لإمبراطوريتي سيليس وليبانسيل عام أربعة وتسعين، وصولا إلى ألفا وتاتش الشركتين القابضتين على عائدات صندوق الاتصالات الأسود، حملة استرداد قطاع الاتصالات التي انطلقت مع ثورة تشرين آتت فعلها، وقرار لجنة الاتصالات النيابية دخل حيز التنفيذ باتخاذ وزير الاتصالات طلال حواط قرار استرجاع قطاع الخلوي إلى حضانة الدولة.
وكغيره من القطاعات السائبة التي علمت السياسيين ومحمياتهم الحرام قال القضاء اليوم كلمته في قضية التخابر غير الشرعي وهدر المال العام، فضرب عصفورين بحجر واحد وحكم بسجن وتغريم ميشال غبريال المر وستديو فيجين لإقدامه على الاستحصال على أجهزة وآلات خاصة من دون ترخيص، من أجل توفير تخابر غير شرعي بسعر منخفض عبر شبكات الإنترنت من دون المرور ببوابات الإدارات الرسمية، وأصاب بالحجر الآخر القاضي المنفرد في المتن منصور القاعي الذي كان أصدر حكما ببراءة المر وصفر يومذاك ذمته تجاه المال العام، وهذه هي الادانة القضائية الاولى من نوعها لامبراطورية ميشال المر على الرغم من اعطائه فرصة الاستنئاف.
وبالإدانة تؤكد الجديد أن معركة استرداد المال العام التي فتحتها قبل سنوات في وجه ستديو فيجن لم يكن من منطلق الحسد وضيق العين، ولا هي أرادت تحطيم منافس لها كما ادعت محطته حينذاك، بل إن القضية تتعلق حصرا بمال مسروق وبرجل ثبت القضاء اليوم أنه “كان بائع هوى” ومستثمر ألياف بصرية ومنقضا على الدولة التي كان يرضي بعض شخصياتها برقصات مع النجوم.
يوم الحساب واصل سيره باتجاه توقيف صرافين مخالفين في غير منطقة، وقاضي الأمور المستعجلة محمد مازح في صور أصدر قرارا معجل التنفيذ على أصله قضى بمنع سفر رئيس وأعضاء مجلس إدارة والمدير العام لبنك لبنان والمهجر، والنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون سطرت إذن ملاحقة بحق المديرة العامة للنفط اورور الفغالي، ورئيس المنشآت النفطية سركيس حليس، كذلك سطر بلاغ بحث وتحر بحق صاحب شركة ZR energy رجل الأعمال تيدي رحمة ومدير الشركة إبراهيم الذوق بقضية الفيول المغشوش، أما وزيرة العدل فتقدمت بثماني تدابير آنية وفورية من صلب التشريعات لمكافحة الفساد.
وبانتظار إقرار خطة الكهرباء المطروحة بشفافية أدار دياب محركات الحساب، فلا مظلة فوق أحد ولا تدخل من المرجعيات ولا اتفاقيات بالتراضي ولرئيس الحكومة نقول: سر فوراءك مئة ألف موقع على عريضة استعادة الأموال المنهوبة وأمامك منظومة فساد ملتفة حول مطرقة الضربة القاضية وبجانبك شعب تشرين إن أمهلك فلن يهملك.