IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 20/06/2020

عصر جبران باسيل محصول اثني عشر عاما في الحكم، وقطرها نقطة من دون سطر، حيث ظل الفاعل مجهولا وضميرا مستترا محل تقديره “هني”. ورفع رئيس “التيار الوطني الحر” سلة قضايا ارتطمت بحواجز سياسية والسدود الحزبية. وسالت من مؤتمر الساعة رواسب فيول ومعامل كهرباء و”كمشة” تعيينات ممسوكة في السياسة قبل القضاء.

وهو إذ ترافع عن كل الملفات دفعة واحدة، أعلن في المقابل أننا نتعرض للاغتيال السياسي الجماعي بسبب الكذابين، وأنا اتحسس مشاعر “التياريين” وأفهم غضبهم، وأعتذر إليهم على إلحاحي بتهدئة أعصابهم وتطويل بالهم، ولكن أعدهم بفضح الكذابين، تماما مثلما عملت ندى بستاني مع أحد النواب.

وبشكوى باسيل من أن رئيس الجمهورية، بصلاحياته المحدودة، لم يستطع أن يغير السياسة النقدية ولا رأسها، فإن الجواب المباشر عن هذا العجز يكمن في “التيار” نفسه الذي وافق على التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة على مدى سنواته في الحكم، ولم يقدم على خوض المعركة داخل مجلس الوزراء ولا في خارجه. أما آلية التعيين التي أقرت في مجلس النواب والتي عدها رئيس “التيار” مخالفة للقانون لكونها تلغي دور الوزير، فإن هذه الآلية إنما أعطت صلاحيات للوزير أكثر مما يستحق، وفوضت إليه رفع أسماء يتقرر من بينها الأكفأ.

ومن مؤتمر الساعة، مطالعة دستورية- فقهيه- قانونية مطعمة بالميثاقية، قدمها باسيل لتبرير رفض رئيس الجمهورية التشكيلات. وقال إن موجبات الرفض جاءت لكون هذه التشكيلات لا تحترم المعايير التي تحدث عنها مجلس القضاء نفسه، بل جرى فيها التقاسم بين مرجعيات لطوائف محددة ومجلس القضاء الأعلى.

في المبدأ: أي علاقة لرئيس “التيار الوطني الحر” بقضية ليست من اختصاصه، ولم ترق حتى إلى مستوى باخرة كهرباء أو فرقاطة فيول مغشوش، ولا هي معمل شك في سلعاتا، وليست بالطبع محطات تغويز قضائية، هي تشكيلات لها مرجعياتها، وإذا كانت لا تحترم المعايير فإن معاييرها غير معاييرك. أما مجلس القضاء الأعلى الذي يعينه السياسيون، فإن رئيس الجمهورية هو أحد هذه الأركان السياسية التي عينت وشكلت و”غمست” بالصحن القضائي، كما بقية المرجعيات.

الكل أخطأ في جردة “التيار” الشهرية والمحسوبة على مدار سنوات الحكم، فيما لم يقدم أي وزير في “التيار” على إعلان التعبئة وكشف المستور بالاسم الثلاثي من دون همز وغمز ولغة الإشارات السياسية. وحتى في مؤتمر اليوم، وحيال الفيول المغشوش، فقد جاءت إضبارة الاتهام في محل رفع اسم الفاعل، على الرغم من كمية الغش الواردة ضمنا، التي قال باسيل إنها عبارة عن غش وتلاعب بدرجات الحرارة وبزيادة المياه إلى الفيول لضخه في الخزانات واحتسابها بالكميات، وغش بنوعية الفيول لأنهم يشترون الوسخ ويضيفون إليه أوساخا كيمائية، هذا فضلا عن الغش في تقارير الفحوص. وأضاف: إذا تعمق التحقيق لاحقا فقد يتبين أن هناك عمليات مالية سأتحفظ عن ذكرها حاليا.

فلماذا التحفظ؟، وأي وقت أوسخ من هذا لنقول الحقائق للناس؟، لاسيما أن باسيل يؤكد في المؤتمر عينه أن كل هذه العمليات جاءت لزيادة الأرباح وتمويل فرقاء سياسيين.

أول الردود على مؤتمر رئيس “التيار”، جاءت من المصدر، وعلق رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بجملة واحدة: “لا يلام الذئب في عدوانه، إن يك الراعي عدو الغنم”. أما “القوات اللبنانية” التي نالتها الحصة الأوفر، فقد اكتفت بتعليقات رمزية على ال”تويتر”، أبرزها للنائب عماد واكيم قائلا: “الكل فاسدون إلا نحن”.

وإذا كان باسيل قد أعلن أنه لا يريد أن يكون رئيسا للجمهورية، فمن اليوم إلى ذاك الزمن، لن تكون هناك جمهورية يرأسها أحد.