Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الثلثاء في 21/07/2020

واحد من السبعة والتسعين في المئة ظهرت آثاره اليوم من مجلس الوزراء سيرا نحو التدقيق الجنائي في مصرف لبنان حيث وافقت الحكومة على التعاقد مع شركة Alvarez & Marsal، وذهب التدقيق المحاسبي إلى شركتين أخريين وجرى استبعاد من له مكاتب في الأراضي المحتلة ولبنان لعدم تضارب المصالح غير أن وزيرة الدفاع زينة عكر أبلغت المجلس أن كل الشركات العالمية فيها إسرائيليون، فامتنع وزراء “أمل” و”حزب الله” مع تسجيلهم التأييد لمبدأ التدقيق، وأمهل مجلس الوزراء وزير المال أسبوعا من تاريخه لرفع مشروع العقد من الشركة التي ستنجز عملها في مهلة زمنية تمتد من ثلاثة الى ستة أشهر.

ومع بزوغ شمس شركة ” الفاريز” بدأ اللبنانيون التدقيق في أصولها وفروعها وصيتها عبر العالم وما إذا كانت فعلا مختصة بهذا المجال أم لها مآثر في قضايا عالمية أعقبتها عمليات احتيال وإفلاس، وإلى أن تتضح نشأة هذه الشركة وخلال مهلة الأشهر الستة يكون اللبنانيون قد أشبع بعضهم بعضا ضربا بالتدقيق الحيادي الذي ما انفك يقرع طبوله من الديمان إلى كل لبنان.

وبغياب مواسم الحجيج صار الوقوف على منصة رأس الكنيسة ومن كل الطوائف مقصدا للزائرين الساعين لحصاد سياسي واصبح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حامل شعلة الحياد يعلل موقفه بأنه عندما تداخلنا مع أحلاف وأحزاب وأعمال عسكرية أصبحنا في عزلة تامة عن العرب وعن الغرب، وأصبحنا وحدنا كما السفينة في البحر الهائج مكررا لازمة أننا عشنا حالة ازدهار ونمو وبحبوحة منذ عام ثلاثة وأربعين حتى عام ثمانين، واليوم أصبحنا “شعبا شحادا” لأننا مرتبطون هنا وهناك ويدلي الراعي بمواقف امام زواره طالبا فيها أن يكون الحياد مضمونا بقرار من مجلس الأمن لكن هل يسمح مجلس الامن بتصنيف اسرائيل عدوا للبنان في القرار الدولي المنشود أم هو سيحميها ويحيدها وتصبح اعتداءاتها على لبنان مشرعة دوليا؟ وأبعد من تحييد العدو عن أي زمن الازدهار والرخاء والنمو تحدث البطريرك الراعي من أربعيينيات القرن الماضي إلى الثمانييات؟ الحياد بضاعة مستحيلة لم يعرفها شعب لبنان.

قبل الاستقلال كان نصفه ينحاز إلى الانتداب الفرنسي والنصف الآخر مع الثورة العربية الكبرى. منذ إعلان الاستقلال، اتفق بشارة الخوري ورياض الصلح على شعار” لا للشرق ولا للغرب” لكن نصف لبنان كان مع الغرب ونصفه الاخر مع الوجه العربي في عام ثمانية وخمسين انصهر نصف لبنان مع مشروع ايزنهاور وانشقت البقية إلى مناصرة عبد الناصر فكانت ثورة عام ثمانية والخمسين قبل ذلك انقسموا في شأن حلف بغداد. وإذا كان حلف بغداد معادلة اقليمية كبرى فإن الحياد في لبنان لم ينجح حتى في خلافات الزواريب .. فأشتكى العميد ريمون ادة على نائب بيروت رئيس حزب النجادة عدنان الحكيم لانه نطق بالوحدة العربية وعلى الرغم من لقاء الرئيس عبد الناصر الرئيس فؤاد شهاب في الخيمة على الحدود الفاصلة بين لبنان والإقليم للجمهورية العربية المتحدة واتفاقهما على حياد لبنان عن الصراعات الإقليمية والمحاور، ظل نصف لبنان مع الناصرية ونصفه الاخر مع الغرب وحلفائه العرب المناهضين لعبد الناصر بعد اتفاق القاهرة عام تسعة وستين لم يتغير شيء ، النصف مع القضية الفلسطينية والاخرون مع خروج الفلسطينيين حتى آخر طفل منهم حينذاك مرت طريق القدس من جونية وأنزل مخيم تل الزعتر الفلسطيني فوق ساكنيه ارتفعت المتاريس وخطوط التماس وجاء الرئيس بشير الجميل بارييل شارون إلى قلب بيروت والفياضية ومدرسة الجمهور وبعد اغتياله أكمل سمير جعجع الحرب ليس على النصف الآخر بل على نصف النصف أيضا فطار البلد مقاومة المحتل الاسرائيلي قسمت اللبنانيين ولا تزال، لا مع الوجود السوري كان لبنان محايدا ولا من دونه كان محايدا. نصفه مع سوريا ونصفه ضدها ،نصفه مع السعودية ونصفه مع ايران، نصفه مع ايران ونصفه مع اميركا.. وبموجبه ما تقدم فإنه فيه لبنان “لا حياد لمن تنادي”.