Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الخميس في 13/08/2020

وفي اليوم التاسع صاروا شعراء ينظمون فسادهم في قصيدة، قتلوا بيروت ومشوا في جنازتها، ومن ذكرى نصر شعب ركبوا موجة الحزن على الشعب نفسه، وكتبوا مرثيات بأشلاء الشهداء للعاصمة التي تنفض عن أحيائها غبار الموت كما قالوا، ولكن الوقت ليس للمراثي والجريمة تنتظر العقاب، والكارثة كشفت النقاب عن قنبلة لا تقل خطرا عن قنبلة نيترات الأمونيوم، فعصف الانفجار لفظ من مرفأ بيروت أدوية منتهية الصلاحية مخزنة منذ عام ألفين وخمسة ولن نقول رب ضارة نافعة.

فمنهم من قضى في الانفجار ليس قدرا بل بقضاء وبحكم مبرم وعن سابق تصور وتصميم، من سلطة فاسدة كانت على علم بدليل المراسلات، ومنهم من قضى وكان سيقضي بقنبلة الدواء الموقوتة في الأمعاء، خصوصا أن بعض هذه الأدوية يستخدم في علاج المصابين بالأمراض السرطانية عبر تزوير تواريخ مدة الصلاحية.

الضربة كانت قوية وقتلت قلب بيروت بانفجار عراهم وكشف لنا في أي مسلخ تسوده شريعة فساد نعيش، لكننا الآن عرفنا أن جذورهم الفاسدة ضاربة في أوردتنا وفي أعماقنا وأننا ندار من حفنة قتلة وسفلة .

وبالأصالة فالقتلة أنفسهم وفي عهد التعطيل حولوا إلى أنفسهم مراسلة أمن الدولة إلى مجلس أعلى للدفاع هم قادته، وتحفظوا عن تشكيلات قضائية لاعتبارات لا توافق غاياتهم الشخصية، وهم أنفسهم اليوم وبالوكالة راحوا مكرهين بعد أخذ ورد إلى تعيين محقق عدلي في جريمة العصر، وقع الجرم والمسؤول الأول من نصب نفسه “بي الكل” يشاطره المسؤولية من طرح نفسه المخلص في السرايا، ونأى بنفسه عن زيارة موقع الجريمة في انتظار المشط المناسب، فيما قفز آخرون فوق مسؤولياتهم وذهبوا إلى المطالبة بمحكمة دولية ، لكن القضاة والمحامين والمدعين العامين جاؤوا بأنفسهم عبر محققين فرنسيين وآخرين من مكتب التحقيقات الفدرالي .

وصارت بيروت مقرا لقوات متعددة الجنسية، وآخر الواصلين من القافلة الطويلة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل القادم إلى لبنان على جناح ترسيم الحدود البحرية، الوهم الذي روج له في الداخل وليس مطروحا على أجندة الخارج، لكن ما بعد زيارة هيل ليس كما قبلها، والوافد الأميركي جاء ليكمل من حيث انتهى الرئيس الفرنسي، ومن وصوله من المطار توجه مباشرة إلى موقع الجريمة ومن هناك حدد البيان الوزاري للحكومة العتيدة، وعلى رأس عناوينها الحاجة الملحة الى إرساء الإصلاح الاقتصادي والمالي وإنهاء الفساد المستشري وتحقيق المساءلة والشفافية ودعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب، وتكون ملتزمة حقا أجندة الإصلاح هذه وتتصرف بناء عليها.

حددت أميركا رسم الحكومة التشبيهي، فيما وضع الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي الرسم التشبيهي للمرحلة المقبلة في المنطقة عبر بيان مشترك مفخخ ببنود تخالف روح المبادرة العربية للسلام التي طرحت في بيروت عام ألفين واثنين وتخذل الفلسطينيين، في وقت هم في أمس الحاجة فيه الى الدعم العربي، ومن شأن هذا الاتفاق الذي وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتاريخي أن يسرع في التوصل الى اتفاق حول ما سمي صفقة القرن، والأهم أنه شكل رافعة لترامب في انتخابات البقاء في البيت الأبيض في معركة يخوضها اثنان يتنافسان على كسب ود إسرائيل