Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 22/08/2020

لم تكد تغفو “عين الرمانة”، حتى استفاقت بلدة كفتون في الكورة على جريمة مروعة راح ضحيتها ثلاثة شبان نعاهم “الحزب السوري القومي الاجتماعي”. الضحايا الثلاث قضوا بسلاح أربعة مجهولين نفذوا جريمتهم براحة أمنية تامة. وقد استطاعوا الهروب بفعل تأخر القوى الأمنية ساعتين عن الحضور إلى مسرح الجريمة، ما ساعد مجموعة القتلة على الفرار عبر الأودية.

نفذوا، غادروا وركنوا السيارة المشتبه فيها التي كانت تقلهم، عند إحدى الطرق الفرعية، وضبط في داخلها أسلحة وقنابل وكواتم للصوت.

وإلى أن تتضح خيوط الجريمة في بلد تحال الجرائم فيه إلى محاكم النسيان، فإن المنظومة الحاكمة حرفت المسار عن جريمة المرفأ وتبعاتها الانسانية والاقتصادية، وفتحت طريقا فرعيا نحو عين التينة، حيث تحول مقر الرئاسة الثانية إلى غرفة عمليات للبحث والتنقيب عمن يدعم سعد الحريري رئيسا للحكومة، وإلى مطبخ للتأليف قبل التكليف.

في الشكل جمع قصر بعبدا جحا وأهل بيته، فاستقبل رئيس الجمهورية نوابا من تكتل “لبنان القوي”، وجرت معاينة أضرار الانفجار عن بعد، لأن أحدا منهم لم يجرؤ على نزول الشارع ومواجهة الناس. ومن بعبدا توجه الوفد مباشرة إلى عين التينة، حيث سمع وسمع معزوفة الأضرار ذاتها. لكن العين كانت تبحث عن المخرز وتتطلع في اتجاه آخر، فالرئيس بري فتح ديوانيته مكتبا انتخابيا، وأقام منصة تواصل لتأمين حاصل الأصوات، تمهيدا لإعادة سعد الحريري إلى السرايا.

وهو إذ استحصل على صوت “الطاشناق” التفضيلي، استقبل النائب وائل أبو فاعور موفدا من جنبلاط. غادر الموفد “الاشتراكي” من دون وضع المواصفات المطابقة، لكن الرسالة التي سلمها لبري قرئت بتغريدة لجنبلاط حدد فيها موقفه، إذ قال: لماذا لا تجري الاستشارات النيابية وفق الأصول بدلا من الهمسات في الكواليس، وتختار الكتل النيابية من تشاء، وتحترم نتيجة التصويت، وبالنسبة الى موقف الحزب “الاشتراكي” فلا علاقة له بأي تيار سياسي آخر، ولا ندين لأحد بأي جميل نتائج الانتخابات السابقة، خير دليل على أن ما من أحد بادلنا الأصوات.

ضرب جنبلاط بحجر واحد الاجتماع الثلاثي الذي انعقد ساعات بين بري وباسيل و”حزب الله”، وهو اجتماع أقل ما يقال فيه إنه مخالف للأصول الدستورية والديمقراطية، وهي أصول تنازل فيها رئيس الجمهورية عن صلاحياته بالدعوة إلى الاستشارات النيابية وباعها في السوق السوداء. لكن رئيس الجمهورية سلم أمره لجبران باسيل، ومنحه حرية التفاوض ليصبح رئيس “التيار” هو المؤلف والملحن وبشروطه.

وكأن شيئا لم يكن: “رجعت حليمة لعادتها القديمة”، عرقلة للدستور، مناورة في التفاوض على التأليف قبل التكليف، والاختباء وراء الشروط والشروط المضادة، والانقلاب على الدستور بإلغاء صلاحية الرئيس المكلف في التأليف، لتنتهي المناورة بمعادلة سعد مقابل جبران.

وكأن شيئا لم يكن تجري الرياح اللبنانية بعكس التيار الغربي وشروط الاتحاد الأوروبي ومطالب الأميركي، وكلهم حددوا الإصلاح ووقف الفساد معبرا لتقديم الدعم والمساعدة، وأهم تلك الشروط الاستماع إلى صوت الناس. لكن “ترويكا” الحل والربط لفوا وداروا وعقدوا اجتماعا ثلاثيا همشوا فيه مكونا رابعا في رسم صورة الحكومة المقبلة، هو الشارع الذي ستكون له الكلمة الفصل، وسيسقط في الشارع نفسه أي حكومة لا تلبي مطالب الإصلاح ومحاربة الفساد. أما إذا تمسك رئيس الجمهورية عبر جبرانه بعدم تنفيذ أصول الديمقراطية، فإن الطريق الأسهل لهما هو الامتثال للأكثرية النيابية، والانتقال من صفوف الموالاة إلى صفوف المعارضة، فلبنان لم يعد يملك ترف وقتكم، وبالتصنيفات تعثر ووقع ولن يجد من يرفعه.

ومن بين الركام، وحدها رافعة كويتية بادرت إلى إعلان إعادة بناء أهراءات القمح في مرفأ بيروت التي دمرتموها بفسادكم. وفيما أنتم تتقاتلون لانتزاع الحصص الحكومية، تعمل الكويت لتأمين خبزنا كفاف يومنا.