بلغت مشاروات التكليف مرحلة التسمية. ومن بين أسماء عدة طرحت للاستهلاك، استقر السعر الحكومي على سفير لبنان في برلين مصطفى أديب، والذي تبلغه نواب “المستقبل” خلال اجتماع الكتروني عقد قبل قليل. والاسم استخرج أولا من اجتماعات رؤساء الحكومات السابقين في “بيت الوسط”، وهو من بنات أفكار الرئيس نجيب ميقاتي، لكونه كان يشغل منصب المدير العام لمكتبه على زمن رئاسته للحكومة.
والمرشح أديب (ثمانية وأربعون عاما) تلقى النبأ هدية لعيد ميلاده الذي يصادف اليوم. لكن النبأ هو أيضا هدية لنواب لا يعلمون لمن يصوتون، ولم تكن لديهم حتى بعد ظهر هذا النهار أدنى فكرة عن الشخصية التي سيرفعون اسمها لرئاسة الحكومة. فمجلس المئة وثمانية وعشرين نائبا، يذهب أعضاؤه إلى الاستشارات النيابية، بضربة “غوغل” عن المرشح الذي اختارته القوى السياسية نيابة عنهم.
وفي الضربة السريعة، يتضح أن مصطفى أديب على وفاق مع جميع هذه القوى، في أفراحها وأتراحها. وأنه ديبلوماسي لبق يفتح على كل التيارات والأحزاب، ويشاركها مآسيها ومناسباتها على الأراضي الألمانية.
هذه مكونات مصطفى أديب التي تلقاها النواب، كما سائر الباحثين على وسائل التواصل. غير أن مجلس النواب الذي هو سيد نفسه لم يكن كذلك، بل أصبح صندوق بريد يتلقى الإشعار وينفذه، في خرق لمبدأ الاستشارات الملزمة والدستور وصلاحيات المخولين تأليف الحكومات. لاسيما أن النواب الذاهبين إلى قصر بعبدا غدا، هم مسيرون نحو اسم مجهول باقي الهوية، ولم توضع أمامهم خيارات وأسماء شخصيات بسجل سياسي أو مدني مكشوف، كالوزيرة ريا الحسن، أو النائبة بهية الحريري، الاسم الذي كان سيشكل امتدادا وتمثيلا مباشرا للرئيس سعد الحريري.
أما وقد تبلغوا، فإن مهمة النواب غدا تنفيذ أمر اليوم، لا أكثر لا بل أقل، حيث أن دورهم يقتصر على الذهاب والإياب والتسمية التي توافقت عليها القوى السياسية. وهذه القوى أبدت مرونة في اليوم الأخير لتسهيل التكليف، ليس صونا لإلزامية الاستشارات، إنما استباقا لوصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ما إن يصل حتى يكون السياسيون في وضعية “قوموا تنهني”.
وقبيل صباح الاثنين، أعلن تكتل “لبنان القوي” أنه بحث بإيجابية كل المساعي القائمة لتسمية رئيس للحكومة، وجرى عرض الأسماء المطروحة والاتفاق حولها. أما الثنائي الشيعي فينتظر تسليمه اسم المرشح بشكل نهائي. فيما أعلن الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله أن الحزب سيكون متعاونا في التسمية والتشكيل معا، ومساهما في إخراج البلد من الفراغ وفي تنفيذ الإصلاحات. وقال إننا في “حزب الله” منفتحون على أي نقاش هادئ في مجال الوصول إلى عقد سياسي جديد، لكن لدينا شرط: أن يكون هذا النقاش بإرادة ورضى مختلف الفئات اللبنانية.
وأبعد من حكومة وعقد تأسيسي، فإن نصرالله دفع باتجاه نفي كل الاتهامات التي طالت الحزب في جريمة المرفأ، سواء من سلاح وذخائر أو نيترات وسفينة وبنوك. والكلام الأعمق مدى، كان للعدو الإسرائيلي وجنوده، أو المصطلح الأدق “الفئران” الذين يختبئون وراء الحدود، ولهم قال: عندما تقتلون أحد مجاهدينا سنقتل أحد جنودكم، انتهى، وهذه هي المعادلة.