من شادي المولوي إلى عبد الرحمن مبسوط فخالد التلاوي، تعددت الأسماء والنتيجة واحدة، إرهابي جديد برتبة “أمير خلية” كان نزيل السجون اللبنانية منذ العام 2017، قبل أن يطلق سراحه منذ أشهر، ليعود إلى مزاولة إرهابه على رأس الخلية التي نفذت جريمة كفتون.
وفي بيان للجيش، أكد إلقاء القبض على المجموعة، في حين لا يزال التلاوي متواريا عن الأنظار، وتبين أن مجموعة كفتون تلقت تدريبات عسكرية، وجمعت أسلحة وذخائر حربية تم ضبطها، وامتهنت السرقة بهدف التمويل الذاتي. ومن يدري ربما حظي الأمير “الداعشي” حينها بولي أمر سياسي أمن له النقليات لحظة إطلاق سراح.
وفي غمرة الانشغال بانفجار المرفأ، تسربت الخلية، وعادت ألقاب “أبو بكر” و”أبو الرحمن” لتغزو الساحة الأمنية، متسللة من “خرم الدولة” المفتوحة على كل أنواع الخروقات، من النيترات إلى إعادة تأسيس الولايات والخلافات.
والضحايا منهم من قضى بالإرهاب في كفتون، ومنهم من لا يزال ينتظر على قارعة مبنى الجميزة، بصيصا من تحت أنقاض لا تزال عمليات البحث فيها جارية عن بقايا نبض. في حين عاد النبض إلى الحراك، بعد تسجيل هدف في مرمى السلطة، إذ ذاب السد وبقي المرج. وضغط الشارع حمى بسري وأبقاها محمية طبيعية، ليس من باب النكد السياسي، كما طاب الوصف لجبران باسيل، بقدر ما جاء قرار البنك الدولي بوقف التمويل مع انقضاء المهلة القانونية، منسجما مع القرارات الغربية بأن لا مساعدات قبل الإصلاحات، كي لا تصب الأموال في مجاري الصرف غير الصحي خارج مالية الدولة وخزينتها.
منهم من قرأ في وقف تمويل السد جزءا من العقوبات، لكن بيان البنك الدولي أبدى استعدادا لتحويل المبلغ المرقوم إلى حساب الشعب الجاري في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية.
وكان يوم السد صفعة أخرى أسقطت مشروعا جديدا للسلطة. واحتفى الناشطون بالنصر الأخضر، فيما اعتبرت النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان أن المعركة الآن هي على إعلان المرج محمية طبيعية، وإصلاح شبكات المياه المهترئة في بيروت.
لكن في المقابل، كانت الأسئلة تتوالى عن مصير المشاريع العالقة ومناقصاتها قريبا، وعن حوالي ستئمة مليون دولار مرتبطة ببسري. عن عقد الإشراف الذي يدفع شهريا إلى الشركة المشرفة، ومنظومة مياه مبنية على سد كلفت ما يربو على مئتين وخمسين مليون دولار، إضافة إلى متعهد خزن الدفعة المسبقة في جيبه بمئة وخمسين مليون دولار؟. أين ستكون حكومتا الدياب والأديب من تحرير هذه الأموال وإعادة جدولتها وتحصيلها، على درب سد لن يرد.
والآليات الخاطئة هي بدورها نوع من العقوبات الداخلية متوارثة من سلطة الى سلطة. أما العقوبات دوليا فليست بالأمر المستجد، وهي سبقت العراب ديفيد شينكر ولحقت به قادما، و”قيصر” في يمينه و”ماغنتسكي” بيساره، وناظر الحل إيمانويل ماكرون يقف وهو يلوح بعصا “البهدلة”، ما لم يؤلف السياسيون حكومة المهمة، وقد عين مدير استخبارته مشرفا على التنفيذ. لكن للسياسيين مهمة حفظناها عن ظهر تجربة تدوم وتدوم، فما قبل الاستشارات النيابية غير الملزمة يتعففون عن نيل المطالب، وما بعدها تبدأ رحلة العرقلة عبر الاستئثار بهذه الوزارة أو تلك.
استنفر العالم لأجل قيامة لبنان، فأتى الرئيس الفرنسي تحت مظلة الدعم الأوروبي، وبكلمة سر سعودية- إيرانية، فيما وقف الأميركي على الحياد من دون أن يعرقل. وقاد الكرسي الرسولي صلاة عابرة لكل الأديان والحدود، على نية بقاء لبنان- الرسالة، وتثبيت نصفه المسيحي في أرضه، وأولياء الأمر السياسي عادوا إلى نغمة المطالب، وبتنا نحتاج إلى توأم الكلب “فلاش”، ليرصد نبضا على طريق التآلف لتسهيل التأليف.
وإذا كان النائب فيصل كرامي، قد أجاد وصفهم بزعماء من كرتون، فإن المطلوب من الرئيس المكلف مصطفى أديب ألا يسير على خطى دياب، فلا يضيع في شكل الحكومة، ولا يضرب أخماس أرقامها بأسداسها، ولا يقف عند جبر الخواطر، ويقدم سيرة حكومته الذاتية إلى المجلس النيابي بالبريد العاجل، وهناك لن يجرؤوا على عدم إعطائها الثقة، وإلا تكون النهاية على قاعدة: “ما متت.. ما شفت مين مات”.