حكومة مصطفى دياب امام مفترق طريق هو صار عميدا للصمت ومن حوله رئاسات وقصور وبيوت سياسية تجلس على جبال المصادر وتنزف تسريبات ولاءات وشروطا في الخطى المرسومة للساعات المقبلة، أن الرئيس المكلف يزور بعبدا غدا الخميس بدلا من اليوم، وفي يده توجهان: إما يضع تشكيلته امام رئيس الجمهورية، وإما يعتذر عن عدم استكمال المهمة.
لكنه منح التأليف أربعا وعشرين ساعة دخل بين دقائقها اللواء عباس ابراهيم مكلفا من رئيس الجمهورية لفحص التربة السياسية الشيعية ومدى ليونتها على الوصول إلى حل قبل نفاد المهل.
وتبعا لمسار نهار التسريب الطويل فإن مصادر بعبدا حرصت على الاستثمار في صمت أديب فأمطرت معلومات تؤكد أن من بادر إلى الاتصال برئيس الجمهورية كان أديب نفسه طالبا منحه مزيدا من الوقت قد يتخطى ثماني وأربعين ساعة.
بالتزامن تم تسريب حصيلة مشاورات الكتل مع الرئيس عون التي جاءت حاسمة لناحية رفضها أن يسمي الرئيس المكلف أسماء مجهولة لديهم وأن يمنحوها الثقة من دون “سابق معرفة”.
ومن غرائب الصدف وعجائب الزمن الحكومي أن يكون رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وحيدا من بين الكتل التي قالت لرئيس الجمهورية “أنا ليس لدي أي شرط ولا اسم وطلب سموا ما تريدون بالمواصفات المتفق عليها واذهبوا إلى مجلس النواب طلبا للثقة”، وهي المرة الاستثنائية التي يتصرف فيها جبران باسيل كرجل ناء بنفسه خارج عن الطحن السياسي الدائر والمدور والمغمس بالمثياقية والمحلى بالمثالثة والمطعم بروح طائفية.
وإذا كان جبران قد استهدى وارتدى عقل الرحمن متبعا الحياد الحكومي، فإن رئيس الجمهورية ينوب عن الجميع، فهو ألبس مصطفى أديب “رنة الهاتف”، وسربت أوساطه أنه لم يطلع على أي اسم من الرئيس المكلف الذي لم يقدم له لائحة ولا تصورا للتشيكلة، كذلك ولأن المكلف احتفظ باسمائه واستعان على عون وبري بالكتمان.
فإن رئيسي الجمهورية ومجلس النواب تخوفا من الأسوأ في أن يعلن أديب اعتذاره عن عدم التأليف وأن يحملهما مسؤولية العرقلة فهرعا إلى التشاور بفرعه الثاني والتخبط والتمسك بحقائب وإعلان أن الكتل لن تقبل بحصر الوزراء حكرا على الرئيس المكلف.
وفي كلام مغلف بالتسهيل ومفخخ بالتعطيل، رأى رئيس الجمهورية أنه مع المداورة في كل الحقائب شرط التوافق الوطني عليها، وعبارة التوافق الوطني وحدها تحمل على متنها شحنات من المتفجرات السياسية، لأنها عبر التاريخ الحديث هي مكون فاضح عن المحاصصة والمذهبية والتقاسم والسرقات، وهي توافق على غنيمة الوطن.
رئيس الجمهورية يشكو عدم تواصل الرئيس المكلف مع المعنيين، وما يقصده هنا أن أديب لم يفتح باب المناقصة الحكومية مع الرئيس نبيه بري لكن المكلف لم تظهر عليه أي عوارض بالتواصل مع أي من المرجعيات، فهو أقفل عليه باب التأليف ولم يتسرب منه أي اسم أو معلومة، فلماذا يلام على خطة صدق عليها الجميع في قصر الصنوبر؟
وبما يتبين لتاريخه أن هناك انقلابا على الاتفاق الفرنسي، وحيال هذا الانقلاب لم يسع الرئاسة الفرنسية سوى ابداء الاسف على فشل السياسيين اللبنانيين في تأليف حكومة بعد أسبوعين من تحديد الرئيس امانويول ماكرون موعدا نهائيا لذلك، إضافة الى عدم تمكنهم من التزام تعهداتهم.
فهل تستكمل مراحل الانقلاب ؟ ام ان مهمة اللواء ابراهيم وباريس ستقود سفينة اديب الى البر الحكومي ؟ غدا لأديبه قريب .