IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 26/09/2020

لم يبلغ التكليف سن التأليف، فاعتذر مصطفى أديب عما لم يفعل مغلفه الأسود، لم تخرج منه تشكيلته الحكومية، بل ضمنه كتاب الاعتذار، وعادت الأمور إلى أصفارها.

في أفضل توصيف لما حصل، قالت مصادر مقربة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ل”رويترز”، إن الأحزاب السياسية ارتكبت “خيانة جماعية”. لكن أرفقت الوصف بعبارة “أن فرنسا لن تخذل لبنان”. بينما طرح الموفد الأممي يان كوبيتش سؤالا في معرض التقريع: هل تجوز هذه الدرجة من اللامسؤولية، بينما مصير لبنان على المحك؟.

إنقلبت الكتل والأحزاب على وعودها، قتلت الرئيس المكلف، لكنها أغدقت أسفها على ضياع المبادرة الفرنسية. وأخذ كل طرف ينفض عنه غبار تهمة القتل العمد، وفجأة وقعوا جميعا في حب ماكرون، وأكثرهم ولها كان الرئيس المتيم نبيه بري الذي ذرف دمعة عندما كتب: إن أحدا لم يكن متمسكا بالمبادرة الفرنسية بقدر تمسكنا بها، لكن هناك من أغرقها في ما يخالف كل الأصول المتبعة.

وسمعت قهقات رؤساء الحكومات السابقين من قلب بيان يتلو الأسف، لكنه يتوج السنيورة، ميقاتي وسلام بعلامة النصر على سعد الحريري، والذي بدوره خاطب جميع المعطلين وخاصة من سماهم أولئك الذين يصفقون اليوم لسقوط مبادرة ماكرون، قائلا لهم: إنكم ستعضون أصابعكم ندما.

أما رئاسة الجمهورية فحرصت على إبعاد شبهة التعطيل عنها، وإبراز أن أديب لم يقدم في ست زيارات إلى قصر بعبدا أي تشكيلة حكومية.

وعلى مواقف الأسف أيضا، رأى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية من الديمان، أن هناك فرصة لإنعاش المبادرة الفرنسية. فيما توجه رئيس حزب “القوات” سمير جعجع بالتحية إلى أديب، لكونه أول مسؤول لبناني يستقيل عندما لا يتمكن من أن يترجم قناعاته.

والفرصة الفرنسية من المقرر أن تتضح معالمها في مؤتمر الرئيس إيمانويل ماكرون عند السابعة من مساء غد.

وتعزيزا لـ”باريس-2″ في فرعها السياسي، تحدث رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ل”الجديد” عن مخرج، عبر إعادة المبادرة الفرنسية. وفيما رأى جنبلاط أننا دخلنا في البازار، أكد في الوقت نفسه أن المبادرة لم تنته، لكن على اللاعبين الكبار عدم إغفال الوضع الاقتصادي المنهار في لبنان، وقال: “دخلنا في صراعات الأمم ولا أحد وضع الليرة في حساباته الكبرى”.

وعلى كل هذه المواقف واعتذار أديب، فإن اللاعبين في التشكيلة قد مددوا لحسان دياب في السرايا. وهو قال بفرح دفين إن اعتذار أديب جاء ليعيد الأمور إلى الوراء.

ما بعد الاعتذار، ظهر أن قلوب السياسيين مع المبادرة الفرنسية وسيوفهم عليها. والساعات القليلة الماضية أثبتت أن القصة ليست وزارة المالية، بل هي رياح خارجية هبت من موسكو، ولفحت المبادرة الفرنسية بفيتو إيراني، ولم تفلح معها ديبلوماسية الروسي في تكريس مبدأ عدم التدخل في الشؤون اللبنانية. فكانت كلمة سر التعطيل “ماذا يفعل ماكرون في لبنان؟”.

وفي اللقاء بين وزيري الخارجية الروسي والإيراني سيرغي لافروف ومحمد جواد ظريف، كان طلب روسي بتسهيل “حكومة المهمة”، لكن الامتعاض الإيراني تجلى برد ظريف: يجب ترك اللبنانيين يعالجون أمورهم وحدهم.

كلام الداخل يمحوه الخارج، والنزاعات الداخلية شكلية، لأن لا أحد من الأطراف المعنية بالتأليف يملك حق القرار، وعقدة التعطيل ما عادت مربوطة على توقيع ثالث، أوله وثانيه لم يقدم ولم يؤخر، إذ باتت الأزمة التي افتعلها الثنائي الشيعي بين الثنائي ماكرون وروحاني وأبعد منهما إلى أن يضع الخلاف الأميركي- الإيراني أوزاره، وعندها يتمكن ماكرون من إحياء مبادرته، ليس فقط بتأليف الحكومة، بل بتغيير النظام الذي ما عاد يتلاءم ومتطلبات الشعب اللبناني.

بتغيير لا يكون مرتبطا بالبيت الأبيض، بل التغيير من داخل بيتنا الأسود حيث عادت طيور الظلام وخلاياها “الواعية” غير النائمة، وقد خاض الجيش اللبناني والقوة الضاربة في فرع المعلومات معارك معها هذا المساء في وادي خالد، ووقعت اشتباكات عنيفة استخدم فيها الإرهابيون قاذفات الصواريخ والأسلحة الحربية الثقيلة والخفيفة على حد سواء.