Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 25/10/2020

بتسلل ايجابي إلى بعبدا، وضع الرئيس سعد الحريري رئيس الجمهورية ميشال عون في أجواء تصوره لتشكيل الحكومة. وتولى موقع الرئاسة الأولى نشر المعلومات عن التقدم في ملف التأليف، عازلا بهذا المنحى بضعا من محيطه الذي يغزل معلومات ومصادر السليم منها وغير السليم، والمحشو بحقول ألغام وزارية.

وبدا أن الرئيسين اتبعا حمية سياسية، سواء لناحية عزل المصادر على صعيد قصر بعبدا، أو لجهة ضبط التصريحات وكم الأفواه في “المستقبل”، لصالح تسهيل التأليف. وبقليل مما تسرب أن الرئيس المكلف يضع سقفا زمنيا لا يتخطى الأسبوعين لتشكيل الحكومة. وفي مواصفاتها شكليا فهو يفضلها: رشيقة و”بنت أربعتش” أو ما يفوقها بقليل. أما في مضمونها فلم تخرج عن الخبراء والاختصاصيين، ولا يغازل حيالها أي كتلة سياسية سبق وقدمت له مغريات في تسهيل التكليف كالقومي والأرمن.

وقد تعلم الحريري من خبراء الماضي، ومن اختصاصيي حكومة حسان دياب، والذين في لحظة سياسية حاسمة عاد بعضهم إلى الأصل السياسي، واحد صرح عنها أن مرجعيته السياسية لا تسمح له بال”كابيتال كونترول”، وأخرى تحولت بصعقة تيار من وزيرة عدل إلى خبيرة في شؤون سلعاتا. واليوم فإن حكومة من غير السياسيين، سوف تعني أنها من غير الاختصاصييبن من ذوي المرجعيات الحزبية.

وعلى هذه المواصفات، جاءت عظة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، متوجها بشكل مباشر الى الحريري قائلا: تخطى أيها الرئيس المكلف شروط الفئات السياسية وشروطهم المضادة، وتجنب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين والطائفيين”. وأضاف: “نقول لك… احذر الاتفاقيات الثنائية السرية والوعود، فإنها تحمل في طياتها بذور خلافات ونزاعات على حساب نجاح الحكومة”.

تحذير وطني عام من بطريرك الموارنة، وتخدير كنسي خاص من مطران الكنيسة الأرثوذكسية الياس عودة، نيافته سخر الدين وعظة الأحد والصرح الكنسي ويوم المؤمنيين للذم بوزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، وهو قدح في معرض مدح الوزير السابق الياس بوصعب. عظة كاملة في الإرشاد التربوي وصناعة الأجيال وإهمال الدولة المزمن لهذا القطاع، والتخبط في القرار والخطط الارتجالية وتعطيل دور المركز التربوي، ليخلص إلى المطالبة باختيار وزير للتربية من ذوي الإختصاص والخبرة، يعي المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، ويتصرف بحكمة ودراية دون كيدية أو انحياز.

لكن الانحياز وارد في العظة بحد ذاتها، لكون مطران الروم الأرثوذكس قرر تغليف الوزير السابق الذي يتبع التقويم نفسه بثوب كنسي، تمهيدا لتطويبه، في مقابل تدنيس أفعال المجذوب، بدلا من الاحتكام إلى القضاء الذي أصبح الملف بين يديه. غير أن أبو صعب الذي لجأ إلى القضاء، لا يبدو أنه سيحتكم إلى نتائجه، بل قرر الصعود على جرس كنسي لدق النفير وإعلاء الصوت طائفيا، بعد أن استنفذ كل الطرق الأخرى.

قد يلجأ السياسي متظلما إلى الكنيسة، لكن هل بيوت الله يتم تجييرها إلى المتمولين الذين يغذون الكنائس بالتبرعات؟، وهل تحل عدالة “الآباء” مكان عدالة الأرض؟. قبل أشهر قليلة كانت معركة المطران عودة على محافظ بيروت، وقد جاءه الوزراء من الطائفة الكريمة بخشوع وإيمان يطلبون الرحمة الكنسية. واليوم يتدخل عودة في نزاع بين وزيرين وضعا أمرهما أمام القضاء. الدين لله، لكن الياس بوصعب للجميع. كنيسة وقضاء وبضع إعلام ومركز بحوث تربوي، وللبحث صلات عدة، حتى لو استعان بالسموات والأبوات لحمايته.