جرح بيروت بعمق بحرها وارتفاع سماها وميناء الرابع من آب ما برح ينزف ضحايا ويلفظ أنفاسا أخيرة ديما عبد الصمد صمدت ثلاثة وثمانين يوما قبل أن تودعنا من غيبوبتها التي لازمتها طوال هذه الأيام، في مستشفى جبل لبنان يئست أم ياسمينة من الانتظار فرحلت من دون أن يصل إلى مسامعها نبأ واحد عن مجرمين عطلوا دورة الحياة في مدينة الحياة طوت ديما نعاسها القسري الطويل وأسلمت الروح في المدينة التي لا يزال يحكمها “قباضي الأرواح” والذين “بالكاد” تعاملوا مع انفجار المرفأ على أنه “رصاصة طائشة”.
وعلى رشقات الدولار تنزل المصائب كالرصاص أيضا حيث تجري محاصرة الناس بالعملة الصعبة وترتفع أزماتهم مع أكوام نفاياتهم لكون الشركات تشغل محركاتها بالورقة الخضراء، فبعد إقرار الدولار الطالبي في مجلس النواب والحصول على صك تشريعي لوصوله إلى التلامذة في الخارج، تبين أن هذا الدولار لا يمكن توافره إلا حبرا على ورق الجريدة الرسمية أما في سعر التداول الحكومي فإن طرفي التأليف أقفلا مزاريب التسريب لكن ذلك لم يمنع تسرب بعض المعلومات من تحت الأبواب المغلقة ومنها أن الرئيس المكلف سيزور بعبدا غدا الثلاثاء لطرح آلية توزيع الحقائب على الطوائف وليس على الجهات السياسية المعنية، مع الإصرار على تسيير مبدأ المداورة لاسيما في الحقائب الخدماتية ذات البعد الإصلاحي التي يطالب بها الجانب الفرنسي وباستثناء المالية للشيعة ولمرة واحدة فإن كل الحقائب المتبقية ستكون وزارات “دوارة”.
أما الأسماء المقترحة فيضعها الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية على ألا تكون أسماء استفزازية للكتل والأحزاب لتضمن عبورها من امتحان الثقة في مجلس النواب ولم تحسم إلى الآن مسألة العدد وما إذا كانت الحكومة عشرينية أو خلاف ذلك وتركيبة الحكومة ستكون مرصودة في عيون المعارضين، إذ أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ربط نزاعه حيال الثقة بالمعيار الذي تنتهجه القوات منذ أكثر من أربع سنوات، لكنه استنتج منذ اليوم أننا سنكون أمام حكومة شبيهة بحكومة الرئيس حسان دياب غير أن الحريري يبدي استعداده للانفتاح إنما تحت سقف المبادرة الفرنسية ولن يصل الى مرحلة الاستسلام وفقا لما ينقل عنه، وهو قال لصحيفة الجمهورية “انا عنيد ونصفي عراقي لكون امي عراقية ولن اعتذر عن تشكيل الحكومة” وفي العناد بالحق وبمفعول رجعي فإن الوزيرين السابقين جمال الجراح ومحمد شقير يبدو أنهما سيكونان أمام فنجان قهوة جديد في مكتب قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل بوسمرا في دعوى جزائية قدمها المحامي وسيم منصور (أحد المساهمين في شركة ميك2) بالتعاون مع “المفكرة القانونية” في ملف شراء مبنى تاتش ضد الجراح وشقير وقد بددت الصفقتان ما يقارب مئة مليون دولار.