في عيد جميع القديسين، وجد الرئيس المكلف نفسه محاصرا مع جميع السياسيين. شروط ومطالب وارتفاع رايات للطوائف، وأحزاب وتيارات، تدفع بسعد الحريري إلى التنحي، لكنه إلى اليوم لم يفعل.
وقياسا على التسمية في التكليف، فإن كل من أحجم وامتنع واحتفظ بصوته معارضا عودة الحريري، يدخل اليوم شريكا مضاربا في الحصص الوزارية. واللعبة الديمقراطية تقول إن المعارضين للتسمية، ينتقلون إلى خارج الصحن الوزاري، أو على الأقل لا يحق لهم وضع شروط وعراقيل، ويفرضون حصة تمثيل اسمها وحدة المعايير. فإذا كانت “القوات اللبنانية” قد التزمت عدم التدخل في التأليف بعدما ركنت في الصف المعارض، فلماذا يقف رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل والنائب طلال إرسلان على خط الشراكة في قنص الوزارات والحقائب؟. أنتم عارضتم ورفضتم وبررتم موقفكم بعدم تسمية الحريري رئيسا مكلفا، فلماذا تشاركونه اليوم في التأليف.
ولعبة التشاطر لدى “التيار”، تكمن في اختبائه بعباءة القصر وصلاحيات رئيس الجمهورية في التوقيع وحصته من الوزراء. وما لا يطالب به جبران باسيل، يتنزعه ميشال عون، وقد يخرج عندها باسيل ليعلن أنه لم يتدخل وأن الرئيس يمارس دوره المناط به دستوريا. لكن التدخل يكشف من نزعة طائفية غير عابرة، أبداها بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، رافضا الحديث عن حكومة مصغرة تتمثل فيها الطائفة بوزير واحد. وسرعان ما أيده النائب إدي معلوف من “التيار الوطني الحر”، مطالبا بحسن تمثيل الطائفة في الحكومةالمقبلة. وكل من العبسي ومعلوف، صناعة برتقالية.
وبخلاف عظة الروم الملكيين السياسية، يستكمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إرشادات وطنية، ويدعو في مطلع كل أحد إلى عدم انصياع الرئيس المكلف للشروط السياسية والحزبية، وكأنه يقول له “أطردهم من الهيكل”. وهو سأل اليوم: إلى متى وبأي حق يتمادى المعنيون في عرقلة تأليف الحكومة، فيما نصف الشعب لا يجد حصة طعام.
ولطرد الشياطين من تفاصيل التأليف، دعا النائب آلان عون عبر “الجديد” الرئيسين عون والحريري إلى العمل معا ومقاربة الحكومة “بمعزل عن المستشارين من حولهما”، لأن العودة إلى المحاصصة سوف تدخلنا في أزمات جديدة، وإلا فليذهب الرئيس المكلف لمفاوضة الأحزاب والكتل.
وفيما بدأت التوقعات بحكومة إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، فإن العقدة ستكون في نتائج هذه الانتخابات، وستنعكس على الولايات المتحدة نفسها. وعلى مسافة يومين من الثلاثاء الكبير، فإن السؤال الأكبر هو، ما بعد الفرز، أكثر من تسعين مليونا صوتوا بالبريد، ومعظمهم من أتباع الديمقراطيين والمرشح جو بايدن، ونتائج هذه الصناديق مع أصوات الثلاثاء سوف تذهب إلى فرز مطول، فيما أنصار ترامب الذين لا يكترثون ولا يعترفون بوباء كورونا، يدلون بأصواتهم مباشرة في يوم الاقتراع، وهؤلاء سوف تظهر نتائج فرزهم في اليوم التالي، أي ان ترامب سيسارع إلى إعلان الفوز المبني على التصويت المباشر، في وقت سوف ينتظر الديمقراطيون حصيلة فرزز الصناديق البريدية، هنا ستقع الفوضى العارمة، رئيس سيتعجل إعلان الانتصار، ومرشح منافس تعطيه الاستطلاعات نسبة عالية بالفوز، سيضطر إلى انتظار الرئاسة في صندوق مغلق.
وما بين الرابحين، فإن التقارير الأميركية تشير إلى سبع عشرة مليون قطعة سلاح بيعت مؤخرا في البلد، الذي يرخص سلاحه للجميع وفق القانون. هي معركة لا تقتصر نتائجها على الثلاثاء، بل تأخذ الولايات التي كانت متحدة إلى نزاعات متفككة واضطرابات أمنية وحرب عصابات أو حرب أهلية، كما توقع الكاتب الأميركي توماس فريدمان.