البلد مقفل حتى إشعار آخر، دخل في غيبوبة ال”لوك داون” وصار أسير محبسين: فيروس يسرح ويمرح، يكتم الأنفاس، يقيد الحركة، يشل الحياة ويأخذها، وحكومة لا تزال مكتومة القيد، لم ينجح الموفد الفرنسي في جولاته المكوكية واستطلاع آراء أولياء التأليف في استخراج شهادة ميلاد لها، وجل ما فعله أنه مد بعمر المبادرة شهرين وأنعشها، بعدما وأدها المسؤولون اللبنانيون بمهدها في قصر الصنوبر، حين أدوا فروض الطاعة لها في وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وطعنوها في ظهرها وعاد كل منهم إلى متراس المحاصصة.
لا حكومة، إذا لا مؤتمرات دعم ولا من يحزنون. الخرق الوحيد الذي أحدثه دوريل قبل حزم خيبته ومغادرة بيروت، أن جمع سعد الحريري وجبران باسيل على خط ساخن، تقلبت فيه مواجع الأسماء والوزارات، وانتهى الاتصال على “انشالله خير” وعادت الأمور إلى برودتها. وخير وصفة لمرض المسؤولين المستعصي، جاء على لسان نواب فرنسيين، قالوا عن الطبقة الحاكمة إنهم يهربون من إجراء الإصلاحات التي من شأنها أن تقوض الأسس التي يرتكزون عليها. ولا كلام بعد هذا الكلام.
إنسداد الأفق الحكومي، أصاب المعنيين بالإكتام عن مصارحة اللبنانيين، وكشف المستور، وفض العروض المعرقلة. والتشكيلة لتاريخه تخضع للاقفال التام، وتسابق جائحة كورونا، من دون أن تتضح معالم اللقاح الحكومي.
وما قبل العقوبات انسحب على ما بعدها، لا بل أضيفت حجة جديدة على التعطيل، وفي أول إعلان رسمي أن دول الخليج تخلت عنا وتركتنا لمصيرنا، قالت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا: لن نتوقف عن الضغط ولم نبتعد كما فعلت دول الخليج.
وأمام هذا الانسداد، خرجت إلى العلن مسودة قرار بالعقوبات أعدها اثنا عشر عضوا في الكونغرس الأميركي، تحت عنوان “قانون منع تبييض أموال حزب الله للعام 2020″، فأصابت نيران القانون اللواء عباس ابراهيم الذي نسب الأمر إلى ثرثرة فوق البيت الأبيض، وقال ل”الجديد”: “قد يكون المتضررون كثرا، ولن أسمي ولن أدخل في تفاهة النقاش مع الثرثارين كائنا من كانوا ونعرفهم، الأهداف التي أسعى لتحقيقها لمصلحة لبنان أكبر بكثير، أكثرت الثرثرة أم قلت”.
وتحدث عن تأثير وتقصير “كدولة ومؤسسات”، وعن ضرورة إنشاء لوبي لبناني قوي وليس حزبي داخل الإدارة الأميركية، للتأثير فيها وبقراراتها. والمهم في خلاصة القول أن اللواء ابراهيم سأل: لماذا نتحاور مع اسرائيل ولا نتحاور مع سوريا، في وقت أن الحوارين يصبان في مصلحة لبنان؟.
ومن الواشين على خط العقوبات، إلى المخربين على خطين: محاولة لإشعال فتنة في جبيل، احتواها أصحاب الرأي وكرسوا مدينة جبيل خطا للعيش المشترك والتلاقي، ومدينة حرف ليس في أبجديتها مكانا لعبدة الفتنة. واعتداء موصوف في العبدة عكار على خط أنابيب يصل كركوك بطرابلس. أحيل الخط على التقاعد منذ أربعين عاما، لكنه يحتفظ بمخزون لحمايته من العوامل البيئية. خط النفط السائب علم مجهولين الحرام، فأحدثوا فيه ثقوبا لسرقة محتوى الأنابيب، تسرب النفط واشتعلت النيران فيه، وكادت الكارثة بعد نيترات الأمونيوم تتكرر في نفط الأنابيب.